كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 9)

الناس بالحج أذانًا يعم الرجال والنساء.
(قالت: لقد تهيأنا) للحج (فهلك أبو معقل) ظاهر هذا يدل على رد قول من قال: إن أبا معقل كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، ومات معه (وكان لنا جمل هو الذي نحج عليه، فأوصى به أبو معقل في سبيل الله) أي: بأن ينتفع به في الغزو، وفيه صحة الوصية بالحيوان، وتكون وصية بمنافعه، فلو صرح بالوصية بالمنافع لم يصح، وهذِه الوصية محمولة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم أنه يخرج من ثلث ماله الذي يتصرف فيه المريض.
(قال: فهلا خرجت عليه؟ فإن الحج في سبيل الله) أحتج به أحمد في إحدى الروايتين عنه، وهو مذهب ابن عباس وابن عمر وإسحاق، على أن الحاج يعطى منها، أي: من الزكاة وإن كان غنيّا، وعن أحمد رواية أخرى: لا يتصرف منها في الحج. وبه قال مالك وأبو حنيفة والثوري والشافعي (¬1) وأبو ثور وابن المنذر، وهذا أصح عند أحمد؛ لأن سبيل الله عند الإطلاق إنما ينصرف إلى الجهاد، فإن (¬2) كل ما في القرآن من ذكر سبيل الله إنما أريد به الجهاد إلا اليسير، فيجب أن يحمل ما في الآية على الكثير؛ لأن الظاهر إرادته به، ولأن الزكاة إنما تدفع للمحتاج إليها أو من يحتاج إليه (¬3) المسلمون كالعامل، وإذا قلنا
¬__________
(¬1) "الاستذكار" 9/ 222، و"فتح القدير" 4/ 175، و"الأم" 4/ 125.
(¬2) في (ر): وقال.
(¬3) من (م).

الصفحة 128