كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 9)

الإسلام] (¬1) مدة، ثم انقطع وصار الماء لا يحصل إلا بمشقة، فنسأل الله العافية.
(أبخل بهم أم حاجة؟ ) أصابتهم فقدم البخل على الحاجة، وحاشاهم من ذلك (فقال ابن عباس: ما بنا) بحمد الله تعالى (من بخل، ولا بنا من حاجة) ثم ذكر السبب الموجب لسقيهم النبيذ، فقال (ولكن دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي مكة (على راحلته وخلفه أسامة بن زيد) رديفه، ولعل هذا لما قدمها لطواف الإفاضة (فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشراب) يشربه (فأتي بنبيذ) تمر (فشرب منه.) فيه دليل على ما قاله ابن الرفعة وغيره: أنه يستحب لمن شرب من ماء زمزم أن يأتي سقاية العباس فيشرب منها إن كان هناك نبيذ؛ لأنه ثبت من فعله عليه الصلاة والسلام، قال: والنبيذ الذي يجوز شربه ما لم يسكر، أي: كما تقدم.
(ودفع فضله (¬2) إلى أسامة بن زيد فشرب منه) فيه أنه يستحب لمن أكل أو شرب أن يناول من حضر، فيبدأ بمناولة ما فضل منه لمن عن يمينه وإن كان مفضولًا، أو لمن هو راكب خلفه، وفيه مواساة رديفه الراكب خلفه، وجليسه فيما يأكله ويشربه من هدية ونحوها، فقد روي مرفوعًا: "جلساؤكم شركاؤكم في الهدية" (¬3)، وهذا إن صح حمل على الندب
¬__________
(¬1) من (م).
(¬2) زاد في (ر): فضلها.
(¬3) ذكره ابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 156، وقال العجلوني في "كشف الخفاء" (1060): قال ابن الملقن في "شرح البخاري" في باب الشرب وتبعه العيني: وقد روي أنه عليه الصلاة والسلام. فذكره، قال: وإسناده فيه لين. انتهى.

الصفحة 193