كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 9)

شرعًا، كما ابتدأ (¬1) الله ذلك في كتابه (¬2) يوم خلق السموات والأرض وصار (كهيئه يوم خلق الله السموات والأرض) فوافق حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذي الحجة؛ فإن الله تعالى منذ خلق السموات والأرض خلق الليل والنهار يدوران في الفلك، وخلق ما في السماء من الشمس والقمر والنجوم [وجعل الشمس والقمر] (¬3) يسبحان في الفلك فنشأ منهما ظلمة الليل وبياض النهار، فمن حينئذٍ جعل (السنة اثنا عشر شهرًا) بحسب الهلال، فالسنة في الشرع مقدرة بسير القمر وطلوعه لا بسير الشمس وانتقالها، كما يفعله أهل الكتاب فإنهم يعملون على أن السنة ثلاثمائة وخمسة وستون يومًا وبعض يوم، وعلى هذا يجري أمر النصارى واليهود، فأعلم الله أن سني السنة مرتب على أهلة القمر واستهلاله، كما في كتاب الله. يعني: اللوح المحفوظ، قاله الواحدي، وهو قول عامة أهل التأويل، وجعل الله من هذِه الأشهر الاثني عشر (منها (¬4) أربعة) أشهر (حرم) أي: يعظم انتهاك المحارم فيها أكثر مما يعظم في غيرها من الأشهر.
قال أهل المعاني: وفي جعل بعض الشهور أعظم حرمة من بعض فوائد من المصلحة في الكف عن الظلم فيها؛ لعظم منزلتها عند الله تعالى، فربما أدى ذلك إلى ترك الظلم رأسًا لانتفاء (¬5) الثائرة في تلك
¬__________
(¬1) في (م): أيد.
(¬2) في (م): حكاية.
(¬3) من (م).
(¬4) سقط من (م).
(¬5) في (م): لانطفاء.

الصفحة 39