كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 9)

المدة، وسميت حرمًا لتحريم القتال [أو لعظم] (¬1) انتهاك المحارم فيها، وذكر ابن قتيبة عن بعضهم أنها الأشهر التي أجل المشركون فيها (¬2) أن يسيحوا.
وقد فسرها النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث، وذكر أنها (ثلاثة متواليات) وهي (ذو القعدة) وفتح القاف أفصح (وذو الحجة) وكسر الحاء أفصح (والمحرم) قيل: إن سبب تحريم هذِه الأشهر الأربعة بين العرب (¬3) لأجل التمكن من الحج والعمرة فحرم شهر ذي الحجة لوقوع الحج فيه، وحرم معه شهر ذي القعدة للسير فيه إلى الحج، وحرم شهر المحرم للرجوع فيه من الحج؛ حتى يأمن الحاج على نفسه من حين يخرج من بيته إلى أن يرجع.
(و) حرم شهر (رجب) للاعتمار فيه في وسط السنة، فيعتمر فيه من كان قريبًا من مكة (مضر الذي بين جمادى) بضم الجيم (وشعبان) وإضافته إلى مضر، قيل: لأن مضر كانت تزيد في تعظيمه واحترامه فنسب إليهم لذلك، وقيل: بل كانت ربيعة تحرم رمضان، ومضر تحرم رجبًا، فلذلك أضيف إليه، وحقق ذلك بقوله: (الذي بين جمادى وشعبان) واختلفوا في حكم القتال في الأشهر الحرم، هل تحريمه باقٍ لم ينسخ، والجمهور على أنه نسخ تحريمه، وذهب طائفة من السلف منهم عطاء إلى بقاء تحريمه، ورجحه بعض المتأخرين، واستدلوا بآية المائدة، والمائدة
¬__________
(¬1) في (م): فيها أو لتحريم.
(¬2) من (م).
(¬3) في (ر): الأربعة.

الصفحة 40