كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 9)

الترمذي: قال سفيان الثوري: والعمل على حديث عبد الرحمن بن يعمر عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم أن من لم يقف بعرفات قبل الفجر فقد فاته الحج، ولا يجزئ عنه إن جاء بعد طلوع الفجر، ويجعلها عمرة، وعليه الحج من قابل وهو قول الشافعي وأحمد (¬1)، وروى هذا الحديث وكيع، وقال: هذا الحديث أم المناسك (¬2).
و(من جاء عرفة من ليلة جمع) أي: ليلة المبيت بالمزدلفة (فيتم) بالياء المثناة (حجه) يوضحه رواية الترمذي: "فقد أدرك الحج"؛ لأنه وقت الوقوف بعرفة من زوال يوم عرفة إلى طلوع الفجر يوم النحر، فيكفي الحصول في جزء من أرض عرفة ولو في لحظة لطيفة في هذا الوقت إذا كان أهلًا للعبادة (¬3)، هذا هو المذهب الصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور، وعند (¬4) أحمد أن وقته ما بين طلوع الفجر الثاني يوم عرفة وطلوعه يوم العيد (¬5). وحكى الفوراني قولًا أنه لا يكفي الوقوف ليلًا، ومن اقتصر عليه فقد فاته الحج.
(أيام) مرفوع لأنه مبتدأ، كلام استؤنف (منى ثلاثة) أيام، وهي الأيام المعدودات، وأيام التشريق، وأيام رمي الجمار، وهي الثلاثة التي بعد يوم (¬6) النحر، وليس يوم النحر منها؛ لإجماع الناس أنه لا ينفر أحد
¬__________
(¬1) "الأم" 2/ 248، "المغني" 5/ 424 - 426.
(¬2) "سنن الترمذي" 3/ 228.
(¬3) سقط من (م).
(¬4) في (م): عن.
(¬5) "المغني" 5/ 274.
(¬6) في (ر): عيد.

الصفحة 44