تقدير ما والفعل والتقدير على ما لعهد رسول الله، ويجوز أن يكون صدرًا منصوب على المفعول معه (من إمارة) بكسر الهمزة (عمر) بن الخطاب، وعند الطبراني: وسنتين من خلافة عمر (¬1).
قال عياض: ذهب إلى هذا المذهب قومٌ من التابعين من أصحاب ابن عباس رأوا أن الثلاث لا تقع على غير المدخول بها؛ لأنها تبين منه بقوله: أنت طالق طلقة واحدة، وقوله: ثلاثًا بعدها كلام وقع بعد البينونة فلا يعتد به، فأجروا المتصل مجرى الطلقات المنفصلة ثلاثًا، قال: وهذا باطل عند جمهور العلماء؛ لأن قوله: أنت طالق معناه ذات طلاق، فلا يصلح إطراح هذا السنن (¬2). ولأن قولهم بانت بواحدة وبقي قوله ثلاثًا لم يصادف محلًّا فيه إجراء المتصل مجرى المنفصل، وهذا ليس بشيء؛ لأن قوله: أنت طالق ثلاثًا كلام واحد متصل غير منفصل، ومن المحال البين إعطاء الشيء حكم نقيضه، لأن الاتصال والانفصال نقيضان (قال ابن عباس: بلى) أي نعم. فيه تصديق وتقرير لسؤال أبي الصهباء (كان الرجل إذا طلق امرأته قبل أن يدخل بها) سواء كان الطلاق الثلاث متفرقًا أو في كلمة واحدة (جعلوها واحدة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وعهد (أبي بكر وصدرًا) بالنصب كما تقدم (من إمارة عمر) قال بعض العلماء البغداديين: المراد بهذا الحديث أنه كان المعتاد في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - تطليقة واحدة، وقد اعتاد الناس التطليق بالثلاث، فالمعنى: كان الطلاق الموقع الآن ثلاثًا لموقع واحدة فيما
¬__________
(¬1) "معجم الطبراني الكبير" 11/ 23 (10916).
(¬2) "إكمال المعلم" 5/ 21.