كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 9)

من الزوج أو غيره، والبتة مصدر لا يستعمل إلا معرَّفًا باللام على الأصح، وهو مذهب سيبويه (¬1)، وجوز الفراء تنكيره.
(فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم -) فأخبره (فقال) له: (ما أردت) بقولك: البتة؟ (قال: ) أردت طلقة (واحدة) فيه دليل على أن كنايات الطلاق يُرجَع فيها إلى نية الحالف وإرادة صاحبها، فإن أراد واحدة فواحدة، أو ثنتين فثنتان (¬2)، أو ثلاثًا فثلاث، والطلاق الواقع بالكناية رجعي ما لم يقع الثلاث، وهو قول الشافعي (¬3) وأحمد (¬4) في ظاهر المذهب عنده؛ لأنه طلاق صادف مدخولًا بها من غير عوض ولا استيفاء عدد، فوجب أن يكون رجعيًّا كصريح الطلاق، وقال أبو حنيفة: تطلق بائنًا لأنها تقتضي بينونة فتقع البينونة كقوله: أنت طالق ثلاثًا (¬5). قلت: ينبغي على قولكم أن تبين بثلاث؛ لأن المدخول بها لا تبين إلا بثلاث أو عوض، والحديث حجة للشافعي.
(قال: آلله؟ ! قال: آلله) بمد الهمزة فيهما، وهي مفتوحة وجر الهاء وفتحها، ويجوز تسهيل الهمزة الثانية مع القصر، وأصله: والله، أو تالله بحرف القسم، فلما حذفوا حروف القسم عوضوا منه في اسم الله تعالى خاصة همزة الاستفهام، فقالوا: آلله لأفعلن. بالمد، وهاللهِ وتعويض
¬__________
(¬1) "الكتاب" 1/ 379.
(¬2) في النسخة الخطية: فثنتين.
(¬3) "الأم" 5/ 172.
(¬4) انظر: "مسائل أحمد" برواية ابنه عبد الله (1345)، و"مسائل أحمد وإسحاق" برواية الكوسج (970، 971) ولكنه قال: أخشى أن يكون ثلاثًا.
(¬5) انظر: "المبسوط" 6/ 21، و"البحر الرائق" 3/ 276.

الصفحة 654