كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 9)

نقصا عن الستين يومًا لأنها الأشهر شرعًا؛ لقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} (¬1) وَآلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نسائه شهرًا ومكث تسعة وعشرين (¬2) (متتابعين) بنية الكفارة من الليل ويزول التتابع بفوات يوم ولو الأخير بلا عذر، وإنما يصح صوم الشهرين إذا ابتدأ بهما في وقت يعلم دوامهما فلو ابتدأ الصوم في وقت يعلم دخول ما يقطعه في أثنائه من رمضان أو يوم النحر لم يُجزِه وهل يبطل أو يقع نفلًا وفي عبارة الرافعي في "المحرر" ما يشعر أنه يقع نفلًا (¬3).
(قالت: يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به) يحتمل أن يكون الباء بمعنى في، وفيه حذف مضاف تقديره: ما في قدرته أو استطاعته كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ} (¬4) أي: في وقعة أو في غزوة بدر، ثم حذف المضاف (من صيام) من زائدة للتوكيد؛ لأنها تزاد [بعد النفي] (¬5)، وعند البصريين أن تكون بعد نفي ومجرورها نكرة كما هنا، وفيه دليل على أن هرم الشيخ مسقط لوجوب الصيام عليه إذا كان لا يقدر عليه (قال: فليطعم) أي يُمَلِّكْ فقد جاء في الحديث: أطعم النبي - صلى الله عليه وسلم - الجدة السدس، أي: ملَّكها (ستين) فلا يجوز الدفع إلى عدد دون الستين لاشتمال الآية والحديث على هذا العدد، فكما لا يجوز
¬__________
(¬1) البقرة: 189.
(¬2) راجع "صحيح البخاري" (378).
(¬3) لفظه في "المحرر" ص 354 ولو ابتدأ بصوم شهرين قريبًا من مجيء رمضان لم يعتد به عن الكفارة.
(¬4) آل عمران: 123.
(¬5) سقطت من النسخة الخطية. والمثبت من المصادر.

الصفحة 686