كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة (اسم الجزء: 9)

السلطان المقدّم إبراهيم «1» بن أبى بكر بن شدّاد بن صابر أن يمشى فى ركابه ومعه عشرة من رجاله فى ذهابه وإيابه، ثم قبض النّشو بعد ذلك على [تاج الدين «2» ] ابن الأزرق وصادره حتّى باع أملاكه، وكان من جملة أملاكه ملك بشاطئ النيل، فاشتراه منه الأمير عزّ الدين أيدمر الخطيرىّ، وكان بجانبه ساقية فهدم الخطيرى الدار والساقية وعمرهما جامعا «3» بخطّ بولاق على شاطئ النيل.
قلت: وكان أصل موضع هذا الجامع المذكور أنّه لمّا أنشئت العمائر ببولاق عمّر الحاج محمد بن عزّ الفراش بجوار الساقية المذكورة دارا على النيل، ثم انتقلت بعد موته إلى ابن الأزرق هذا فكانت تعرف بدار الفاسقين، من كثرة اجتماع النصارى بها على ما لا يرضى الله تعالى، فلمّا صادره النّشو باعها فيما باعه فاشتراها الخطيرى بثمانية آلاف درهم، وهدمها وبنى مكانها ومكان الساقية جامعا أنفق فيه أموالا جزيلة فى أساساته مخافة من زيادة النيل، وأخذ أراضى حوله من بيت المال، وأنشأ عليها الحوانيت والرّباع والفنادق. فلمّا تمّ بناؤه قوى عليه ماء النيل فهدم جانبا منه فأنشأ تجاهه زريبة رمى فيها ألف مركب موسوقة بالحجارة، قاله الشيخ تقىّ الدين المقريزى رحمه الله وهو حجة فيما ينقله. لكن أقول لعله وهم فى هذا وأراد أن يقول: وسق ألف مركب بالحجارة فسبق قلمه بما ذكرناه، قال:
وسمّى هذا الجامع بجامع التوبة، وجاء فى غاية الحسن، فلما أفرج عن ابن الأزرق من المصادرة ادّعى أنّه كان مكرها فى بيع داره، فأعطاه الأمير أيدمر الخطيرىّ

الصفحة 118