كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة (اسم الجزء: 9)

فجهّز النّشو ذلك كلّه، وعقد لابنى تنكز على ابنتى السلطان فى بيت الامير قوصون، لكون قوصون أيضا متزوّجا بإحدى بنات السلطان، بحضرة القضاة والأمراء.
ثمّ ولدت بنت الأمير تنكز من السلطان بنتا فسجد شكرا لله بحضرة السلطان، وقال:
ياخوند، كنت أتمنى أن يكون المولود بنتا فإنها لو وضعت ذكرا كنت أخشى من تمام السعادة، فإنّ السلطان قد تصدّق علىّ بما غمرنى به من السعادة فخشيت من كمالها.
ثم جهّز السلطان الأمير تنكز وأنعم عليه من الخيل والتعابى القماش ما قيمته مائة وعشرون «1» ألف دينار. وأقام تنكز فى هذه المرّة بالقاهرة مدّة شهرين، فلما وادع «2» السلطان سأله إعفاء الأمير كجكن من الخدمة وأشياء غير ذلك فأجابه إلى جميع ما سأله. وكتب له تقليدا بتفويض الحكم فى جميع الممالك الشامية بأسرها، وأن جميع نوّابها تكاتبه بأحوالها، وأن تكون مكاتبته: «أعزّ الله أنصار المقرّ الشريف» ، بعد ما كانت. «أعزّ الله أنصار الجناب» وأن يزاد فى ألقابه:
«الزاهدىّ العابدىّ العالمىّ كافل الإسلام أتابك الجيوش» . وأنعم السلطان على مغنّية قدمت معه من دمشق من جملة مغانيه بعشرة آلاف درهم، ووصل لها من الدّور ثلاث بذلات زركش وثلاثون تعبية قماش وأربع بذلات مقانع وخمسمائة دينار. ثم آخر ما قال السلطان لتنكز: إيش بقى لك حاجة؟ بقى فى نفسك شىء، أقضيه لك قبل سفرك؟ فقبّل الأرض وقال: والله ياخوند، ما بقى فى نفسى شىء أطلبه إلّا أن أموت فى أيّامك، فقال السلطان: لا، إن شاء الله تعيش أنت وأكون أنا فداءك، أو أكون بعدك بقليل، فقبّل الأرض وانصرف، وقد حسده سائر الأمراء، [وكثر «3» حديثهم] فيما حصل له من الإكرام الزائد، فاتّفق ما قال السلطان، فإنّه لم يقم بعد موت تنكز إلّا مدّة قليلة.

الصفحة 130