كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة (اسم الجزء: 9)

فى الباطن، وكتب فى الظاهر لكراى وأسندمر كرجى بما أراده من عمل المصالح، فقضى كراى شغله من حمص وركب وتهيّأ من حمص، وجدّ فى السير جريدة حتى وصل إلى حلب فى يوم ونصف، فوقف بمن معه تحت قلعة حلب عند ثلث الليل الآخر، وصاح: «يا لعلى» ، وهى الإشارة التى رتّبها بينه وبين نائب قلعة حلب، فنزل نائب القلعة عند ذلك بجميع رجالها وقد استعدّوا للحرب، وزحف الأمير كراى على دار النيابة ولحق به أمراء حلب وعسكرها، فسلّم الأمير أسندمر كرجى نفسه بغير قتال، فأخذ وقيّد وسجن بقلعتها وأحيط على موجوده، وسار منكوتمر الطبّاخى على البريد بذلك إلى السلطان، ثم حمل أسندمر كرجى إلى السلطان صحبة الأمير بينجار وأيبك الرّومىّ. فخاف عند ذلك الأمير قرا سنقر نائب الشام على نفسه، وسأل أن ينتقل من نيابة دمشق إلى نيابة حلب ليبعد عن الشرّ، فأجيب إلى ذلك، وكتب بتقليده وجهّز إليه فى آخر ذى الحجة من سنة عشر وسبعمائة على يد الأمير أرغون الدّوادار الناصرىّ، وأسرّ له السلطان بالقبض عليه إن أمكنه ذلك. وقدم أسندمر كرجى إلى القاهرة واعتقل بالقلعة، وبعث يسأل السلطان عن ذنبه فأعاد جوابه؛ مالك ذنب، إلا أنك قلت لى لما ودّعتك عند سفرك: أوصيك يا خوند:
لا تبق فى دولتك كبشا كبيرا وأنشئ مماليكك! ولم يبق عندى كبش كبير غيرك.
ثمّ قبض السلطان على طوغان نائب البيرة، وحمل إلى السلطان فحبس أياما ثم أطلقه وولّاه شدّ الدواوين [بدمشق «1» ] .
وفى مستهلّ سنة إحدى عشرة وسبعمائة وصل الأمير أرغون الدّوادار إلى الشام [لتسفير قراسنقر «2» المنصورى منها إلى نيابة حلب] فاحترس منه الأمير قراسنقر على نفسه، وبعث إليه عدّة من مماليكه يتلقونه ويمنعون

الصفحة 27