كتاب الدر الفريد وبيت القصيد (اسم الجزء: 9)

رُوْحِهِ وَأَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ وَسَجَدَ لَهُ كُلّهُمْ وَقَفْتُ أَنْظُرُ مِنْ ذَلِكَ الشَّقِيِّ الَّذِي يُخَالِفُ أَمْرَ رَبِّهِ فَإِذَا هُوَ أَنَا وَحَمَلَنِي عَلَى ذَلِكَ الحَسَدُ لَهُ فَلَمَّا قِيْلَ لِي مَالَكَ ألَا تَسْجدُ إِذْ أَمَرْتُكَ؟ قُلْتُ فِي نَفْسِي قَدْ خَالَفْتُ الأَمْرَ فِي المَرَّةِ الأُوْلَى فَكَيْفَ أُخَالِفُ فِي المَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَهَمَمْتُ بِالسُّجُوْدِ فَإِذَا فِي وَسَطِ ظَهْرِي عَمُوْدٌ مِنْ نَارٍ يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ أَسْتَطِعِ السُّجُوْدَ فَقُلْتُ مَا قُلْتُ ثم قَال: أَيُّهَا العَبْدُ الصَّالِحُ أَنَا وَآدَمَ كُنَّا فِي المَعْصِيَةِ مُشْتَرِكِينَ وِإِنَّ مِثْلِي وَمِثْلَهُ كَرَجُلَيْنِ رَكِبَا البَحْرَ فَلَمَّا قَارَبَا السَّاحِلَ غَرِقَ بِهُمَا المَرْكِبُ فَجَاءَ الغَوَّاصُوْنَ فَأَخْرَجُوا مَتَاعَهُمَا فَبُسِطَ مَتَاعُ آدَمَ عَلَى صَحْرَاءِ الرَّحْمَةِ وَجَاءَهُ لُطفُ {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} وَبُسِطَ مَتَاعِي عَلَى صحْرَاءِ الغَضَبِ وَالمَقْتِ فَجَاءَنِي انْتِقَامٌ وِإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ بَلْ مِثْلِي وَمِثْلهُ كَرَجُلَيْنِ جَلَسَا لِلشُّرْب فَلَمَّا أَخَذَ آدَمُ قَدَحَهُ غَنَّاهُ القَضاءُ وَالقَدَرُ بِلِسَانِ حَالِهِ (¬1):
وَإِذَا الحَبِيْبُ أَتَى بِذَنْبٍ وَاحِدٍ ... جَاءَتْ مَحَاسِنُهُ بِأَلْفِ شَفِيْعِ
ولما وَصَلَ القَدَحُ إِلَى لِسَانِ حَالِي (¬2):
مَنْ لَمْ يَكُنْ لِلوِصَالِ أَهْلًا ... فَكُلُّ إِحْسَانِهِ ذُنُوبُ
قَال الرَّاوِي فَقُلْتُ ذَلِكَ ثَمَرُ التَّوْبَةَ وَهَذَا ثَمَرُ الإِصرَارِ فَقَالَ صَدَقْتَ ثُمَّ غَاب عَنِّي.
قَالَ رَجُلٌ لِلشَّلَبِيِّ رَحَمَهُ اللَّهُ: أَخْبِرْنِي عَنِ المَرْءِ فِيْمَ يَبْعُدُ مِنْ رَبِّهِ وَيُخْذَل عَنْ قُرْبِهِ فَزَعَقَ الشِّبْلِيُّ زَعْقَةً شَدِيْدَةً ارْتَجَّ لَهَا المَوْضِعُ ثُمَّ أَنْشَدَ: مَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوِصَال. البَيْتُ

14117 - مَن لَم يَكُنَ للَّه مُتَّهِمًا ... لَم يُمسِ مُحتَاجًا إِلَى أَحَدِ
قَبْلَهُ (¬1):
يَا رَوْحَ مَنْ حَسَمَتْ قَنَاعَتُهُ ... سَبَبَ المَطَامِعِ مِنْ غَدٍ وَغَدِ
¬__________
(¬1) البيت في ديوان ابن نباتة: 1/ 342.
(¬2) البيت في ديوان الشبلي: 89.
14117 - البيت في ربيع الأبرار: 5/ 336 منسوبًا إلى الحسين بن الضحاك.
(¬1) البيت في عيون الأخبار: 3/ 208.

الصفحة 382