كتاب الكامل في التاريخ (اسم الجزء: 9)

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ]
521 -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ
ذِكْرُ وِلَايَةِ الشَّهِيدِ أَتَابَكْ زَنْكِي شِحْنَكِيَّةَ الْعِرَاقِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ، أَسْنَدَ السُّلْطَانُ مَحْمُودٌ شِحْنَكِيَّةَ الْعِرَاقِ إِلَى عِمَادِ الدِّينِ زَنْكِي بْنِ آقَسُنْقَرَ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ: أَنَّ عِمَادَ الدِّينِ لَمَّا أُصْعِدَ مِنْ وَاسِطَ فِي التَّجَمُّلِ وَالْجَمْعِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَقَامَ فِي حِفْظِ وَاسِطَ وَالْبَصْرَةِ وَتِلْكَ النَّوَاحِي الْقِيَامَ الَّذِي عَجَزَ غَيْرُهُ عَنْهُ، عَظُمَ فِي صَدْرِ السُّلْطَانِ وَصُدُورِ أُمَرَائِهِ، فَلَمَّا عَزَمَ السُّلْطَانُ عَلَى الْمَسِيرِ عَنْ بَغْدَاذَ نَظَرَ فِيمَنْ يَصْلُحُ أَنْ يَلِيَ شِحْنَكِيَّةَ الْعِرَاقِ وَيَأْمَنُ مَعَهُ مِنَ الْخَلِيفَةِ، فَاعْتَبَرَ أُمَرَاءَهُ وَأَعْيَانَ دَوْلَتِهِ، فَلَمْ يَرَ فِيهِمْ مَنْ يَقُومُ فِي هَذَا الْأَمْرِ مَقَامَ عِمَادِ الدِّينِ، فَاسْتَشَارَ فِي ذَلِكَ فَكُلٌّ أَشَارَ بِهِ وَقَالُوا:
لَا نَقْدِرُ عَلَى رَقْعِ هَذَا الْخَرْقِ، وَإِعَادَةِ نَامُوسِ هَذِهِ الْوِلَايَةِ، وَلَا تَقْوَى نَفْسُ أَحَدٍ عَلَى رُكُوبِ هَذَا الْخَطَرِ غَيْرُ عِمَادِ الدِّينِ زَنْكِي.
فَوَافَقَ مَا عِنْدَهُ، فَأَسْنَدَ إِلَيْهِ الْوِلَايَةَ، وَفَوَّضَهَا [إِلَيْهِ] مُضَافَةً إِلَى مَا لَهُ مِنَ الْأَقْطَاعِ، وَسَارَ عَنْ بَغْدَاذَ وَقَدِ اطْمَأَنَّ قَلْبُهُ مِنْ جِهَةِ الْعِرَاقِ، فَكَانَ الْأَمْرُ كَمَا ظَنَّ.

ذِكْرُ عَوْدِ السُّلْطَانِ عَنْ بَغْدَاذَ، وَوِزَارَةِ أَنُوشِرْوَانَ بْنِ خَالِدٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي عَاشِرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ، سَارَ السُّلْطَانُ مَحْمُودٌ عَنْ بَغْدَاذَ، بَعْدَ

الصفحة 5