كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 9)

٧٣]. قال: وأمر المؤمنين بالغلظة عليهم، فقال: {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة} [التوبة: ١٢٣]، بعدما كان أمرهم بالعفو. وقرأ قول الله: {قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله} [الجاثية: ١٤]، ثُمَّ لم يقبل منهم بعد ذلك إلا الإسلامَ أو القتل. فنسخت هذه الآيةُ العفوَ (¬١) [٢٧١٩]. (ز)

آثار متعلقة بالآية:
٢٩٨٣٣ - عن عَلِيٍّ، قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أدُلُّك على خيرِ أخلاق الأولين والآخرين؟». قال: قلت: بلى، يا رسول الله. قال: «تُعْطِي مَن حرَمك، وتَعْفو عمَّن ظَلمك، وتَصِلُ مَن قطَعك» (¬٢). (٦/ ٧١٠)

٢٩٨٣٤ - عن عقبة بن عامر، قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أُخبِرُك بأفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة؛ تصِلُ مَن قطَعك، وتُعطي مَن حرَمك، وتعفو عمَّن ظلَمك» (¬٣). (٦/ ٧١١)
---------------
[٢٧١٩] انتَقَدَ ابنُ جرير (١٠/ ٦٤٣) القولَ بالنسخ لعدم ورود دليل به، فقال: «لا دلالة عندنا على أنّه منسوخ؛ إذ كان جائزًا أن يكون -وإن كان اللهُ أنزله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - في تعريفه عِشْرةَ مَن لم يُؤْمَر بقتاله من المشركين- مرادًا به تأديبُ نبيِّ الله والمسلمين جميعًا في عِشْرة الناس، وأمرُهم بأخذ عفو أخلاقهم، فيكون -وإن كان من أجلهم نزل- تعليمًا من الله خلقه صفةَ عِشْرةِ بعضِهم بعضًا، لم يجب استعمال الغلظة والشدة في بعضهم، فإذا وجب استعمال ذلك فيهم استعمل الواجبَ، فيكون قوله: {خذ العفو} أمرًا بأخذه ما لم يجب غيرُ العفو، فإذا وجب غيرُه أخذ الواجبَ وغيرَ الواجب إذا أمكن ذلك. فلا يُحْكَم على الآية بأنها منسوخة».
وانتَقَدَه ابنُ عطية (٤/ ١١٧) مُسْتَدِلًّا بفعْل الصحابي، حيث قال: «حديث الحر بن قيس حين أدخل عمَّه عيينة بن حصن على عمر دليلٌ على أنّها مُحْكَمة مستمرة؛ لأن الحُرَّ احتج بها على عمر، فقرَّرها، ووقف عندها».
_________
(¬١) أخرجه ابن جرير ١٠/ ٦٤٢، والنحاس في الناسخ والمنسوخ ٢/ ٣٥٩.
(¬٢) أخرجه البيهقي في الشعب ١٠/ ٣٣٥ (٧٥٨٤)، ١٠/ ٤١٥ - ٤١٦ (٧٧٢١) واللفظ له، والطبراني في الأوسط ٥/ ٣٦٤ (٥٥٦٧).
قال الهيثمي في المجمع ٨/ ١٨٨ - ١٨٩ (١٣٦٩١): «رواه الطبراني في الأوسط، وفيه الحارث، وهو ضعيف». وقال الألباني في الضعيفة ١٤/ ٣٧٩ (٦٦٦٠): «ضعيف».
(¬٣) أخرجه أحمد ٢٨/ ٥٦٩ - ٥٧٠ (١٧٣٣٤)، ٢٨/ ٦٥٤ - ٦٥٥ (١٧٤٥٢) مُطَوَّلًا، والحاكم ٤/ ١٧٨ (٧٢٨٥).
قال العراقي في تخريج الإحياء ص ١٠٧٩ (٤): «أخرجه ابن أبي الدنيا، والطبراني في مكارم الأخلاق، والبيهقي في الشعب، بإسناد ضعيف». وقال الهيثمي في المجمع ٨/ ١٨٨ (١٣٦٨٩، ١٣٦٩٠): «رواه أحمد، والطبراني، وأحد إسنادي أحمد رجاله ثقات». وقال الهيتمي في الزواجر عن اقتراف الكبائر ٢/ ١٣٣: «وأحمد بإسنادين، أحدهما رواته ثقات». وقال الألباني في الصحيحة ٢/ ٥٥٢ (٨٩١): «وهذا إسناد صحيح».

الصفحة 562