كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 9)

يوم بدر، وغلبوا المسلمين عليه، فأصاب المسلمين الظَّمَأ، وصَلَّوْا مُحْدِثين مُجْنِبين، فألقى الشيطان في قلوب المؤمنين الحزن، ووسوس فيها: إنكم تزعمون أنكم أولياء الله، وأن محمدًا نبي الله، وقد غُلِبْتُم على الماء، وأنتم تصلون مُحْدِثِين مُجْنِبِين، فأمطر الله السماء حتى سال كلُّ وادٍ، فشرب المسلمون، وملئوا أسقيتهم، وسقوا دوابهم، واغتسلوا من الجنابة، وثَبَّت الله به الأقدام، وذلك أنهم كان بينهم وبين عدوهم رملة لا تَجُوزُها الدواب، ولا يمشي فيها الماشي إلا بجهد، فضربها الله بالمطر حتى اشْتَدَّت، وثَبَتَتْ فيها الأقدام (¬١). (ز)

٣٠٣١٨ - عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد بن بشير- في قوله: {ويثبت به الأقدام}، قال: كان ببطن الوادي دَهاسٌ، فلما مُطِروا اشتدَّتِ الرملة (¬٢). (٧/ ٥٨)

٣٠٣١٩ - عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في قوله: {ويثبت به الأقدام}، قال: حتى يشتدَّ على الرمل، وهو وجه الأرض (¬٣). (٧/ ٥٨)

٣٠٣٢٠ - قال مقاتل بن سليمان: {ويُثَبِّتَ بِهِ} يعني: بالمطر {الأَقْدامَ} (¬٤) [٢٧٥٥]. (ز)

٣٠٣٢١ - عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- {ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام}: ليذهب عنهم شك الشيطان بتخويفه إياهم عدوَّهم، واسْتِجْلادِ (¬٥) الأرض لهم، حتى انتهوا إلى منزلهم الذي سبقوا إليه
---------------
[٢٧٥٥] قال ابنُ عطية (٤/ ١٤٨): «هذا أحد ما يحتمله قوله: {ويثبت به الأقدام}، والضمير في {به} على هذا الاحتمال عائد على الماء. ويحتمل أن يعود الضمير في {به} على ربط القلوب؛ فيكون تثبيت الأقدام عبارة عن النصر والمعونة في موطن الحرب، وبيِّنٌ أن الرابط الجأش تثبت قدمه عند مكافحة الهول».
وانتَقَدَ ابنُ جرير (١١/ ٦٨ - ٦٩) الاحتمال الثاني الذي ذكره ابن عطية؛ لمخالفته لقول جميع أهل التأويل من الصحابة والتابعين، فقال: «ذلك قولٌ خِلافٌ لقول جميع أهل التأويل من الصحابة والتابعين، وحَسْبُ قولٍ خطأً أن يكون خلافًا لقول من ذكرنا، وقد بَيَّنّا أقوالهم فيه، وأن معناه: ويثبت أقدام المؤمنين بتَلْبِيد المطرِ الرَّمْلَ حتى لا تَسُوخَ فيه أقدامهم وحوافر دوابِّهم».
_________
(¬١) أخرجه ابن جرير ١١/ ٧٦.
(¬٢) أخرجه ابن أبي حاتم ٥/ ١٦٦٧.
(¬٣) أخرجه ابن جرير ١١/ ٦٨، وابن أبي حاتم ٥/ ١٦٦٧. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
(¬٤) تفسير مقاتل بن سليمان ٢/ ١٠٣، ١٠٤.
(¬٥) استجلاد الأرض: من الجَلَد -بفتحتين-: وهي الأرض الصلبة، يعني أنها صارت أرضًا صلبة غليظة، بعد أن كانت رملة ميثاء لينة. و «استجلدت الأرض»، مما لم تذكره معاجم اللغة، وهو عريق فصيح. انتهى من كلام العلامة شاكر على هامش تفسير الطبري ١٣/ ٤٢٧.

الصفحة 671