رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده، فقال: «يا رب إنك إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبدًا». فقال له جبريل - عليه السلام -: خذ قبضة من التراب. فأخذ قبضة من التراب، فرمى بها في وجههم، فما بقي من المشركين أحد إلا أصاب عينه ومِنخَرَيْهِ وفمه تراب من تلك القبضة؛ فوَلَّوا مدبرين (¬١). (ز)
٣٠٤١١ - عن سعيد بن المسيب -من طريق ابن شهاب- قال: لما كان يوم أُحُد أخَذ أُبَيُّ بن خلف يَرْكُضُ فرسَه، حتى دنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واعترض رجال من المسلمين لأُبَيِّ بن خلف لِيقتلوه، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اسْتَأْخِروا». فاسْتَأْخَروا، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حَرْبَتَه في يده، فرَمى بها أُبَيَّ بن خلف، وكَسَر ضِلَعًا من أضلاعه، فرجع أبيُّ بن خلف إلى أصحابه ثقيلًا، فاحْتَمَلُوه حين ولَّوْا قافِلِين، فطَفِقوا يقولون: لا بأس. فقال أُبَيٌّ حينَ قالوا ذلك له: واللهِ لو كانت بالناس لَقَتَلَتْهم، ألم يَقُلْ: «إني أقْتُلُك -إن شاء الله-؟». فانطَلَق به أصحابه يُنْعِشُونَهُ حتى مات ببعض الطريق، فدفنوه. قال ابن المسيب: وفي ذلك أنزل الله: {وما رميت إذ رميت} الآية (¬٢). (٧/ ٧٤)
٣٠٤١٢ - عن سعيد بن المسيب -من طريق مَعْمَر- =
٣٠٤١٣ - ومحمد ابن شهاب الزهري -من طريق معمر-، قالا: أُنْزِلَتْ في رمية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ أُحُد أُبَيَّ بن خلف بالحَرْبَة وهو في لَأْمَتِهِ (¬٣)، فخَدَشَه في تَرْقُوَتِه (¬٤)، فجعل يَتَدَأْدَأُ (¬٥) عن فرسه مرارًا، حتى كانت وفاته بها بعد أيام قاسى فيها العذاب الأليم، مَوْصولًا بعذاب البَرْزَخ المتصل بعذاب الآخرة (¬٦) [٢٧٦٨]. (٧/ ٧٥)
---------------
[٢٧٦٨] علَّقَ ابن كثير (٧/ ٤٣) على قول ابن المسيب، والزهري، بقوله: «هذا القول عن هذين الإمامين غريب أيضًا جدًّا، ولعلهما أرادا أن الآية تتناوله بعمومها، لا أنها نزلت فيه خاصة كما تقدم».
واسْتَدْرَكَ ابن عطية (٤/ ١٥٨) على هذا القول لدلالة السياق بقوله: «هذا ضعيف؛ لأن الآية نزلت عقب بدر، وعلى هذا القول تكون أجنبية مما قبلها وما بعدها، وذلك بعيد».
_________
(¬١) أخرجه البيهقي في القضاء والقدر ص ١٧٥ (١٤٥)، وأبو نعيم في دلائل النبوة ص ٤٦٩ - ٤٧٠ (٤٠٠) مطولًا، وابن جرير ١١/ ٨٦، وابن أبي حاتم ٥/ ١٦٧٣ (٨٩٠٧).
إسناده جيد. وينظر: مقدمة الموسوعة.
(¬٢) أخرجه ابن سعد في الطبقات ٢/ ٣٥، وابن أبي حاتم ٥/ ١٦٧٣ (٨٩١٠) مرسلا. وأورده الثعلبي ٤/ ٣٣٨. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(¬٣) اللامَة: الدِّرْع، جمعها لُؤَمٌ. اللسان (لأم).
(¬٤) التَّرْقُوِة: هي العظم الذي بين ثُغْرَة النحر والعاتق، وهما ترقوتان من الجانبين. النهاية (ترق).
(¬٥) أي: يتدحرج. القاموس (دأدأ).
(¬٦) عزاه السيوطي إلى ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم مرسلًا. وفي ابن أبي حاتم ٥/ ١٦٧٣ عن ابن وهب عن يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب بنحوه بلفظ أطول. وعند ابن جرير ١١/ ٨٧ عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري دون سعيد بسياق مختلف! قال فيه: جاء أُبَي بن خلف الجُمَحي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعظم حائل، فقال: الله محيي هذا يا محمد وهو رميم؟ وهو يفُتُّ العظم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يحييه الله، ثم يميتك، ثم يدخلك النار» قال: فلما كان يوم أحد قال: والله لأقتلن محمدا إذا رأيته، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «بل أنا أقتله إن شاء الله». وكذا أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٥٦.