كتاب البحر المحيط في التفسير (اسم الجزء: 9)

اسْمٌ عَلَى مُفَيْعِلٍ إِلَّا خَمْسَةٌ: مُهَيْمِنٌ وَمُحَيْمِرٌ وَمُبَيْطِرٌ وَمُسَيْطِرٌ وَمُبَيْقِرٌ. فَالْمُحَيْمِرُ اسْمُ جَبَلٍ، وَالْبَوَاقِي أَسْمَاءُ فَاعِلِينَ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَالطُّورِ، وَكِتابٍ مَسْطُورٍ، فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ، وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ، وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ، إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ، مَا لَهُ مِنْ دافِعٍ، يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً، وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً، فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ، الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ، يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا، هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ، أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ، اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ، فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ، كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ، وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ، يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لَا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ، وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ، وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ، قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ، إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ.
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ. وَمُنَاسَبَتُهَا لِآخِرِ مَا قَبْلَهَا ظَاهِرَةٌ، إِذْ فِي آخِرِ تِلْكَ: فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ «1» ، وَقَالَ هُنَا: إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ.
الطُّورُ: الْجَبَلُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ، لَا جَبَلٌ مُعَيَّنٌ، وَفِي الشَّأْمِ جَبَلٌ يُسَمَّى الطُّورَ، وَهُوَ طُورُ سَيْنَاءَ. فَقَالَ نَوْفٌ الْبِكَالِيُّ: إِنَّهُ الَّذِي أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ لِفَضْلِهِ عَلَى الْجِبَالِ.
قِيلَ: وَهُوَ الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. وَالْكِتَابُ الْمَسْطُورُ: الْقُرْآنُ، أَوِ الْمُنْتَسَخُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، أَوْ التَّوْرَاةُ، أَوْ هِيَ الْإِنْجِيلُ وَالزَّبُورُ، أَوِ الْكِتَابُ الَّذِي فِيهِ أَعْمَالُ الْخَلْقِ، أَوِ الصُّحُفُ الَّتِي تُعْطَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْأَيْمَانِ وَالشَّمَائِلِ، أَقْوَالٌ آخِرُهَا لِلْفَرَّاءِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَى التَّعْيِينِ، إِنَّمَا تُورَدُ عَلَى الِاحْتِمَالِ. وَقَرَأَ أَبُو السَّمَّالِ:
فِي رِقٍّ، بِكَسْرِ الرَّاءِ، مَنْشُورٍ: أَيْ مَبْسُوطٍ. وَقِيلَ: مَفْتُوحٌ لَا خَتْمَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: مَنْشُورٌ لَائِحٌ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْشُورٌ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ.
وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ،
قَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ: هُوَ بَيْتٌ فِي السَّمَاءِ مُسَامِتُ
__________
(1) سورة الذاريات: 51/ 59.

الصفحة 566