كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 9)

فإنَّ صحَّ هذا، فالحديثُ لابنِ شِهاب، عن أبي بكر بن عبدِ الرَّحمنِ، عن نوفلِ بن مُعاويةَ وابنِ عُمرَ، جميعًا عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وعن سالم أيضًا، عن ابنِ عُمرَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
ومِمّا يُصحِّحُ ذلكَ: أنَّ محمدَ بن إسحاقَ رَوَى هذا الحديثَ عن يزيدَ بن أبي حَبيبِ، عن عِراكِ بن مالكٍ الغِفاريِّ، قال: سمِعتُ نَوْفلَ بنَ مُعاويةَ الدِّيليَّ وهُو جالِسٌ مع عبدِ الله بن عُمرَ بسُوقِ المدينةِ، يقولُ: سمِعتُ رسولَ الله يقولُ: "صلاةٌ من فاتَتهُ، فكأنَّما وُتِرَ أهلَهُ ومالَهُ". فقال عبدُ الله بن عُمر: قال رسُولُ الله: "هي العَصْرُ" (¬١)؛ ذكَرهُ الطَّحاويُّ في "فَوائدِهِ" عن عليِّ بن مَعْبدٍ (¬٢)، عن يَعقُوبَ بن إبراهيمَ بن سعدٍ، عن أبيهِ، عن ابن إسحاقَ.
وحدَّثنا عبدُ الوارثِ بن سُفيان، قال: حدَّثنا قاسمٌ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن زُهَيرٍ، قال (¬٣): حدَّثنا أبي، قال: حدَّثنا أبو عامِرٍ ويحيى بن أبي بُكير، قالا: حدَّثنا ابنُ أبي ذِئبٍ، عن الزُّهْريِّ، عن أبي بكر بن عبدِ الرَّحمنِ، عن نَوْفلِ بن مُعاويةَ، قال: سَمِعتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "من فاتَتهُ صَلاةُ العَصْرِ، فكأنَّما وُتِرَ أهلَهُ ومالَهُ".
وهذا يدُلُّكَ على أنَّ قولَهُ في حديثِ نَوْفلٍ الدِّيليِّ: "من فاتَتهُ الصلاةُ" أراد صَلاةَ العصرِ، فيكونُ معناهُ ومعنى حديثِ ابنِ عُمرَ سَواءً، وتكونُ صَلاةُ العَصْرِ مخصُوصةً بالذِّكرِ، ويَدْخلُ (¬٤) في ذلك غيرُها بالمعنى.
---------------
(¬١) أخرجه ابن أبي شَيْبَة في المصنَّف (٣٤٦٣)، وأحمد في مسنده ٣٩/ ٤٨٣ (٢٤٠٠٩/ ٤٦)، والنَّسَائي في المجتبى ١/ ٢٣٨، ٢٣٩، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٩٥٢) من طريق يزيد بن أبي حبيب، به.
(¬٢) في الأصل: "سعيد"، محرَّف، وهو عليّ بن معبد بن نوح، أبو الحسن البغدادي (تاريخ الإسلام ٦/ ١٣٠).
(¬٣) في تاريخه الكبير، السفر الثاني ١/ ٥٧٢ (٢٣٦٣). وأخرجه الطَّيَالسي (١٢٣٧)، وأحمد في مسنده ٣٩/ ٤٩ (٢٣٦٤٢)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٩٥٣، ٩٥٤)، وابن حِبَّان ٤/ ٣٣٠ (١٤٦٨)، من طريق ابن أبي ذئب، به.
(¬٤) هذه اللفظة سقطت من م.

الصفحة 28