كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 9)

بالعصرِ - وقال يحيى: بالصَّلاةِ - فإنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من تَركَ صَلاةَ العَصرِ، فقد حَبِطَ عَملُهُ". وقال يزيدُ: "من فاتَتهُ صَلاةُ العَصْرِ، حَبِطَ عَملُهُ".
ورَواهُ الأوزاعيُّ، عن يحيى بن أبي كَثيرٍ، عن أبي قِلابةَ، عن أبي المُهاجِرِ، عن بُرَيدةَ (¬١)، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ذكَرَهُ ابنُ أبي شَيْبةَ (¬٢)، عن وكيع وعيسى بن يونُس، جميعًا عن الأوزاعيِّ.
قال أبو عُمرَ: معنى قولِهِ في هذا الحديثِ: "حَبِطَ عملُهُ"، أي: حبِط عملُهُ فيها، فلم يحصُلْ على أجْرِ من صلّاها في وَقْتِها. يعني: أنَّهُ إذا عَمِلها بعد خُرُوج وَقْتِها، فقد حَبِطَ (¬٣) أجرُ عَملِها في وَقْتِها وفضلُهُ، واللّه أعلمُ، لا أن يَحْبِطَ (¬٤) عملُهُ جُملةً في سائرِ الصلواتِ والإيمان (¬٥)، وسائرِ أعمالِ البِرِّ، أعُوذُ بالله من مِثلِ هذا
---------------
(¬١) في م: "بريرة".
(¬٢) في المصنَّف (٣٤٦٨) و (٣١٠٣٨) وأخرجه أحمد في مسنده ٣٨/ ١٥٧ (٢٣٠٥٥) من طريق وكيع، به. وأخرجه ابن ماجة (٦٩٤)، وابن حِبَّان ٤/ ٣٣٢ (١٤٧٠)، والبيهقي في الكبرى ١/ ١٤٤، من طريق الأوزاعي، به. وانظر: المسند الجامع ٣/ ١٩٠ (١٨٣٤).
قال البخاري: قال مسلم: حدَّثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قِلَابة، عن أبي المليح: كنا مع بريدة في غزوة. وقال الأوزاعي: عن يحيى، عن أبي قِلَابة عن أبي المهاجر، والأول أصح.
وروى الأوزاعي أيضًا أحاديث، عن يحيى، عن أبي قِلَابة، عن أبي المهاجر، ولا يصح عن أبي قِلَابة عن أبي المهاجر شيء. التاريخ الكبير ٦/ ٤٤٩.
وقال ابن حِبَّان: وهم الأوزاعي في صحيفته عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قِلَابة، فقال: عن أبي المهاجر، وإنَّما هو أبو المهلب عم أبي قِلَابة، واسمه عمرو بن معاوية بن زيد الجرمي. ثمَّ ساقه في صحيحه (١٤٦٣).
فهذا الحديث من هذا الوجه لا يصح.
(¬٣) هذه اللفظة سقطت من م.
(¬٤) في م: "لا أنَّه حبط"، والمثبت من الأصل.
(¬٥) هذه اللفظة سقطت من م.

الصفحة 33