كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 9)
شَاءَ اللَّهُ} [الأعلى: ٦ - ٧]، فلم يَكُنِ الله ليُنسِيَ نبيَّهُ عليه السَّلامُ والنّاسَ (¬١) كما يقولُ هؤُلاءِ الجُهّالُ.
حدَّثناهُ إبراهيمُ بن شاكِرٍ وسعيدُ بن نصرٍ، قالا: حدَّثنا عبدُ الله بن عُثمانَ، قال: حدَّثنا سعدُ بن مُعاذٍ، قال: حدَّثنا ابنُ أبي مَرْيمَ، قال: حدَّثنا نُعَيمُ بن حمّادٍ، عن ابنِ عُيينةَ، فذكَرهُ (¬٢).
وكان الصَّحابةُ رضي الله عنهُم، وهُمُ الذينَ خُوطِبُوا بهذا الخِطابِ، لم يكُن منهُم من يحفظُ القُرآنَ كلَّهُ ويُكْمِلُهُ على عَهدِ رسُولِ - صلى الله عليه وسلم - الله إلّا قليل، منهُم: أُبيُّ بن كعبٍ، وزيدُ بن ثابِتٍ، ومُعاذُ بن جبلٍ، وأبو زيدٍ الأنصاريُّ، وعبدُ الله بن مسعُودٍ، وسالمٌ مولَى أبي حُذَيفَةَ (¬٣). وكلُّهُم كان يَقِفُ على مَعانيهِ، ومعاني ما يحفظ (¬٤) منهُ، ويعرِفُ تأويلَهُ، ويحفَظُ أحكامَهُ، ورُبَّما عرفَ العارِفُ منهُم أحكامًا من القُرآنِ كثيرةً وهُو لم يحفَظْ سُوَرَها.
قال حُذيفةُ بن اليمانِ: تَعلَّمنا الإيمانَ قبلَ أن نتعلَّمَ القُرآن، وسيأتي قومٌ في آخِرِ الزَّمانِ يتَعلَّمُون القُرآنَ قبلَ الإيمان (¬٥).
ولا خِلافَ بينِ العُلماءِ في تأويلِ قوقِ الله عزَّ وجلَّ: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِه} [البقرة: ١٢١]، أي: يعملُونَ به حقَّ عَملِهِ، ويتَّبِعُونهُ حقَّ اتِّباعِهِ؛ قال عِكرِمةُ: ألم تستمِع إلى قول الله عزَّ وجلَّ: {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} [الشمس: ٢]، أي: اتَّبَعَها (¬٦) (¬٧).
---------------
(¬١) في ض: "والناسي".
(¬٢) وانظر: الاستذكار ٢/ ٤٨٩.
(¬٣) قوله: "وسالمٌ مولى أبي حُذيفة" سقط من الأصل، م. وانظر: صحيح مسلم (٢٤٦٤) من حديث عبد الله بن عمرو.
(¬٤) في م: "حفظ"، والمثبت من الأصل.
(¬٥) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٤٨، تفسير)، والبيهقي في الكبرى ٣/ ١٢٠.
(¬٦) في الأصل، م: "تبعها".
(¬٧) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (١١٥٩).