كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 9)

وهُو مذهبُ الأوزاعيِّ، والشّافِعيِّ، وابن عُليَّةَ، وأحمد بن حَنْبل، وداود.
وصلاةُ الخَوْفِ إنَّما وُضِعَتْ على أخفِّ ما يُمكِنُ وأحوطِهِ للمُسلِمينَ.
ولا وجهَ لقولِ من قال: إنَّ حديثَ أبي بَكْرةَ، وما كان مثلَهُ كان (¬١) في الحَضَرِ؛ لأنَّ فيه سلامَهُ (¬٢) في كلِّ رَكْعتينِ منها، وغيرُ محفُوظٍ عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ صلَّى صَلاةَ الخوفِ في الحَضَرِ.
وقد حَكَى المُزنيُّ، عن الشّافِعيِّ (¬٣) قال: ولو صلَّى في الخَوْفِ بطائفةٍ رَكْعتينِ، ثُمَّ سلَّمَ، فصلَّى بالطّائفةِ الأُخْرَى ركعتينِ، ثُمَّ سلَّمَ، كان جائزًا. قال: وهكذا صلَّى النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- ببَطْن نَخْلةَ.
قال أبو عُمر: قد رُوي أنَّ صَلاتَهُ هكذا كانت يومَ ذاتِ الرِّقاع. ولكن ذلك عندي لا يَثْبُت والله أعلم، لروايةِ صالح بن خَوّاتٍ في يوم ذات الرِّقاع (¬٤)، ويحتمِلُ أن يكونَ صلّاها مرَّتين على الهيئَتين هُناكَ (¬٥).
فهذه ستَّةُ (¬٦) أوجُهٍ كلُّها ثابتةٌ من جِهَةِ النَّقلِ، قد قال بكلِّ وجهٍ منها طائفةٌ من أهلِ العِلم.
وقال أحمدُ بن حَنْبل والطَّبريُّ وبعضُ أصحابِ الشّافِعيِّ بجَوازِ كلِّ وجهٍ منها.
---------------
(¬١) قوله: "مثله كان" سقط من م.
(¬٢) في د ٤: "كلامه".
(¬٣) انظر: الأم ١/ ٢٤٣، ومختصر المزني ٨/ ١٢٣.
(¬٤) من قوله: "ولكن ذلك" إلى هنا لم يرد في الأصل، م.
(¬٥) قوله: "ويحتمل أن يكون صلاها مرتين على الهيئتين هناك" لم يرد في د ٤.
(¬٦) في م: "سبعة".

الصفحة 528