كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 9)
وفي حديثِ الشَّعبيِّ، عن فاطِمةَ بنتِ قَيْسٍ، حديثِ الجسّاسةِ في صِفَةِ الدَّجّالِ: أعظمُ إنسانٍ رأيناهُ خَلْقًا، وأشدُّهُ وِثاقًا (¬١).
وفي حديثِ الزُّهريِّ، عن أبي سَلَمةَ، عن فاطِمةَ بنتِ قَيْسٍ في ذلك: فإذا رجُلٌ يجُرُّ شعْرَهُ، مُسْلسلٌ في الأغلالِ، ينزُو فيما بين السَّماءِ والأرض (¬٢).
والآثارُ مختلِفة في نُتُوءِ عَيْنِهِ، وفي أيِّ عينيهِ هي العوراءُ؟ ولم تختلِفِ الآثارُ أنَّهُ أعورُ.
وذكر البُخاريُّ (¬٣)، عن ابنِ بُكيرٍ، عن اللَّيثِ، عن عُقَيلٍ، عن ابنِ شِهاب، عن سالم، عن أبيهِ، قال: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "بَيْنا (¬٤) أنا نائمٌ أطُوفُ بالكَعْبةِ، فإذا رجُلٌ آدَمُ، سَبْطُ الشَّعرِ، يَنْطِفُ، أو يُهراقُ رأسُهُ ماءً، قلتُ: من هذا (¬٥)؟ قالوا: ابنُ مريمَ، ثُمَّ ذَهَبتُ فالتفتُّ، فإذا رجُلٌ جَسِيمٌ، أحمرُ، جَعْدُ الرَّأسِ، أعورُ العينِ، كأنَّ عينَهُ عِنَبةٌ طافيةٌ، قلتُ: من هذا؟ قالوا: الدَّجّالُ، وإذا أقربُ النّاسِ به شَبهًا ابنُ قَطَنٍ، رجُلٌ من خُزاعةَ".
وأمّا قولُهُ: "جَعْدٌ قَطَطٌ". في صِفةِ الدَّجّالِ، فالقَطَطُ، هُو: المُتكسِّرُ الشَّعرِ، المُلتوي الشَّعرِ، الذي لا يَسْترسِلُ شعْرُهُ ألبتَّةَ، مِثلُ شعرِ الحَبَشِ.
---------------
(¬١) أخرجه مسلم (٢٩٤٨)، وأبو داود (٤٣٢٦)، والطبراني في الكبير ٢٤/ ٣٨٨ - ٣٩١ (٩٥٨) من طريق الشعبي، به.
(¬٢) أخرجه أبو داود (٤٣٢٥)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٣١٨١)، والطبراني في الكبير ٢٤/ ٣٧١، ٣٧٢ (٩٢٢) من طريق الزهري، به.
(¬٣) في صحيحه (٧١٢٨). وأخرجه أحمد في مسنده ١٠/ ٢٢٦ (٦٠٣٣)، والبخاري (٧٠٢٦)، ومسلم (٢٧٧)، وأبو يعلى (٥٤٥٨)، وأبو عوانة (٣٨٥)، والطبراني في الأوسط ٩/ ٧٤ (٩١٦٤)، وفي مسند الشاميين ٤/ ٢٢٥ (٣١٤٥) من طريق الزهري، به. وانظر: المسند الجامع ١٠/ ٧٥٤ (٨١٧٥).
(¬٤) في م: "بينما"، والمثبت من النسخ، وهو الموافق لما في البخاري.
(¬٥) في م: "من هو".