كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 9)
كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوقِعُ الشَّكَّ فِي قُلُوبِكُمْ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ رَفَعَهُ اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَلَا تَغْلُوا فِيهِ وَلَا تَحْفُوا عَنْهُ وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ الْحَدِيثَ وَسَنَدُهُ قَوِيٌّ وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ سَيَجِيءُ زَمَانٌ يُسْأَلُ فِيهِ بِالْقُرْآنِ فَإِذَا سألوكم فَلَا تعطوهم الحَدِيث الثَّالِث حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الَّذِي تَقَدَّمَ مَشْرُوحًا فِي بَابِ فَضْلِ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ وَوَقَعَ هُنَا عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ شُعْبَةَ بِسَنَدِهِ قَالَ شُعْبَةُ وَحَدَّثَنِي شِبْلٌ يَعْنِي بن عَزْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ بِهَذَا قُلْتُ وَهُوَ حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي مثل الجليس الصَّالح والجليس السوء
(قَوْلُهُ بَابُ اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ)
أَيِ اجْتَمَعَتْ
[5060] قَوْلُهُ فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَيْ فِي فَهْمِ مَعَانِيهِ فَقُومُوا عَنْهُ أَيْ تَفَرَّقُوا لِئَلَّا يَتَمَادَى بِكُمْ الِاخْتِلَافُ إِلَى الشَّرِّ قَالَ عِيَاضٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ خَاصًّا بِزَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِنُزُولِ مَا يَسُوؤُهُمْ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى اقْرَءُوا وَالْزَمُوا الِائْتِلَافَ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ وَقَادَ إِلَيْهِ فَإِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ أَوْ عَرَضَ عَارِضُ شُبْهَةٍ يَقْتَضِي الْمُنَازَعَةَ الدَّاعِيَةَ إِلَى الِافْتِرَاقِ فَاتْرُكُوا الْقِرَاءَةَ وَتَمَسَّكُوا بِالْمُحْكَمِ الْمُوجِبِ لِلْأُلْفَةِ وَأَعْرِضُوا عَنِ الْمُتَشَابِهِ الْمُؤَدِّي إِلَى الْفُرْقَةِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَاحْذَرُوهُمْ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَنْهَى عَنِ الْقِرَاءَةِ إِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي كَيْفِيَّةِ الْأَدَاءِ بِأَنْ يَتَفَرَّقُوا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ وَيَسْتَمِرَّ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى قِرَاءَته وَمثله مَا تقدم عَن بن مَسْعُودٍ لَمَّا وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّحَابِيَّيْنِ الْآخَرَيْنِ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَدَاءِ فَتَرَافَعُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كُلُّكُمْ مُحْسِنٌ
الصفحة 101