كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 9)

(قَوْلُهُ بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ)
وَقَعَ فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ لِأَنَّهُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ لَفْظِ الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ تَصَرَّفَ فِيهِ فَاخْتَصَرَ مِنْهُ لَفْظَ مِنْكُمْ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ الشِّفَاهِيَّ لَا يَخُصُّ وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَلْ يَعُمُّ نَصًّا أَوِ اسْتِنْبَاطًا ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي الصِّيَامِ أَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْأَعْمَشِ بِلَفْظِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ كَمَا تَرْجَمَ بِهِ لَيْسَ فِيهِ مِنْكُمْ قَوْلُهُ وَهَلْ يَتَزَوَّجُ مَنْ لَا أَرَبَ لَهُ فِي النِّكَاحِ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا وَقع بَين بن مَسْعُودٍ وَعُثْمَانَ فَعَرَضَ عَلَيْهِ عُثْمَانُ فَأَجَابَهُ بِالْحَدِيثِ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ لَا أَرَبَ فِيهِ لَهُ فَلَمْ يُوَافِقْهُ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ وَافَقَهُ وَإِنْ لَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ وَلَعَلَّهُ رَمَزَ إِلَى مَا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيمَنْ لَا يَتُوقُ إِلَى النِّكَاحِ هَلْ يُنْدَبُ إِلَيْهِ أَمْ لَا وَسَأَذْكُرُ ذَلِكَ بَعْدُ

[5065] قَوْلُهُ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ هُوَ النَّخَعِيُّ وَهَذَا الْإِسْنَادُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ وَهِيَ تَرْجَمَةُ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ عَن بن مَسْعُودٍ وَلِلْأَعْمَشِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْنَادٌ آخَرُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ بِإِسْنَادِهِ بِعَيْنِهِ إِلَى الْأَعْمَشِ قَوْلُهُ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ الله يَعْنِي بن مَسْعُودٍ قَوْلُهُ فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ بِمِنًى كَذَا وَقَعَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ وَفِي رِوَايَةِ زَيْدِ بْنِ أبي أنيسَة عَن الْأَعْمَش عِنْد بن حِبَّانَ بِالْمَدِينَةِ وَهِيَ شَاذَّةٌ قَوْلُهُ فَقَالَ يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن هِيَ كنية بن مَسْعُود وَظن بن الْمُنِير أَن الْمُخَاطب بذلك بن عُمَرَ لِأَنَّهَا كُنْيَتُهُ الْمَشْهُورَةُ وَأَكَّدَ ذَلِكَ عِنْدَهُ أَنه وَقع فِي نسخته من شرح بن بطال عقب التَّرْجَمَة فِيهِ بن عُمَرَ لَقِيَهُ عُثْمَانُ بِمِنًى وَقَصَّ الْحَدِيثَ فَكَتَبَ بن الْمُنِيرِ فِي حَاشِيَتِهِ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بن عُمَرَ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ فِي زَمَنِ الشَّبَابِ لِأَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ شَابًّا كَذَا قَالَ وَلَا مَدْخَلَ لِابْنِ عُمَرَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَصْلًا بَلِ الْقِصَّةُ وَالْحَدِيثُ لِابْنِ مَسْعُودٍ مَعَ أَن دَعْوَى أَن بن عُمَرَ كَانَ شَابًّا إِذْ ذَاكَ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا سَأُبَيِّنُهُ قَرِيبًا فَإِنَّهُ كَانَ إِذْ ذَاكَ جَاوَزَ الثَّلَاثِينَ قَوْلُهُ فَخَلَيَا كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ فَخلوا قَالَ بن التِّينِ وَهِيَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ وَاوِيٌّ يَعْنِي مِنَ الْخَلْوَةِ مِثْلُ دَعَوَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَلَمَّا اثقلت دعوا الله انْتَهَى وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عِنْدَ مُسْلِمٍ إِذْ لَقِيَهُ عُثْمَانُ فَقَالَ هَلُمَّ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَاسْتَخْلَاهُ قَوْلُهُ فَقَالَ عُثْمَانُ هَلْ لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي أَنْ نُزَوِّجَكَ بِكْرًا تُذَكِّرُكَ مَا كُنْتَ تَعْهَدُ لَعَلَّ عُثْمَانَ رَأَى بِهِ قَشَفًا وَرَثَاثَةَ هَيْئَةٍ فَحَمَلَ ذَلِكَ عَلَى فَقْدِهِ الزَّوْجَةَ الَّتِي تُرَفِّهُهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عِنْدَ أَحْمد وَمُسلم ولعلها أَن تذكرك مَا مَضَى مِنْ زَمَانِكَ وَفِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عِنْدَ مُسْلِمٍ لَعَلَّكَ يَرْجِعُ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ مَا كُنْتَ تَعْهَدُ وَفِي رِوَايَةِ زيد بن أبي أنيسَة عِنْد بن حِبَّانَ لَعَلَّهَا أَنْ تُذَكِّرَكَ مَا فَاتَكَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مُعَاشَرَةَ الزَّوْجَةِ الشَّابَّةِ تَزِيدُ فِي الْقُوَّةِ وَالنَّشَاطِ بِخِلَافِ عَكْسِهَا فَبِالْعَكْسِ قَوْلُهُ فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى هَذَا أَشَارَ إِلَيَّ فَقَالَ يَا عَلْقَمَةُ فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ أَمَا لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ لَقَدْ هَكَذَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ أَنَّ مُرَاجَعَةَ عُثْمَانَ لِابْنِ مَسْعُودٍ فِي أَمْرِ التَّزْوِيجِ كَانَتْ قَبْلَ اسْتِدْعَائِهِ لِعَلْقَمَةَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَزَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عِنْدَ بن حِبَّانَ بِالْعَكْسِ وَلَفْظُ جَرِيرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ فَاسْتَخْلَاهُ فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ قَالَ لِي تَعَالَ يَا عَلْقَمَةُ قَالَ فَجِئْتُ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ أَلَا نُزَوِّجُكَ وَفِي رِوَايَةِ زَيْدٍ فَلَقِيَ عُثْمَانَ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَقَامَا وَتَنَحَّيْتُ عَنْهُمَا فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ لَيْسَتْ لَهُ حَاجَةٌ يُسِرُّهَا قَالَ ادْنُ يَا عَلْقَمَةُ فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ أَلَا نُزَوِّجُكَ وَيَحْتَمِلُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَنْ يَكُونَ عُثْمَان أعَاد على بن مَسْعُودٍ مَا كَانَ قَالَ لَهُ بَعْدَ أَنِ اسْتَدْعَى عَلْقَمَةَ لِكَوْنِهِ فَهِمَ مِنْهُ إِرَادَةَ إِعْلَامِ عَلْقَمَة بِمَا كَانَا فِيهِ قَوْلُهُ لَقَدْ قَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ فِي رِوَايَةِ زَيْدٍ لَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا فَقَالَ لَنَا وَفِي

الصفحة 107