كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 9)

بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ وَقَدْ رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَأَدْرَجَ قِصَّةَ آيَةِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ وَأَغْرَبَ عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ فَرَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ وَسَاقَ الْقِصَصَ الثَّلَاثَ بِطُولِهَا قِصَّةَ زَيْدٍ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ثُمَّ قِصَّةَ حُذَيْفَةَ مَعَ عُثْمَانَ أَيْضًا ثُمَّ قِصَّةَ فَقْدِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الْآيَةَ مِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَبَيَّنَ الْخَطِيبُ فِي الْمُدْرَجِ أَنَّ ذَلِكَ وَهْمٌ مِنْهُ وَأَنَّهُ أَدْرَجَ بَعْضَ الْأَسَانِيدِ عَلَى بَعْضٍ قَوْلُهُ أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ الرَّسُولِ إِلَيْهِ بِذَلِكَ وَرَوَيْنَا فِي الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ فَوَائِدِ الدَّيْرِعَاقُولِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنِ الْقُرْآنُ جُمِعَ فِي شَيْءٍ قَوْلُهُ مَقْتَلُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ أَيْ عَقِبَ قَتْلِ أَهْلِ الْيَمَامَةِ وَالْمُرَادُ بِأَهْلِ الْيَمَامَةِ هُنَا مَنْ قُتِلَ بِهَا مِنَ الصَّحَابَةِ فِي الْوَقْعَةِ مَعَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ وَكَانَ مِنْ شَأْنِهَا أَنَّ مُسَيْلِمَةَ ادَّعَى النُّبُوَّةَ وَقَوِيَ أَمْرُهُ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِارْتِدَادِ كَثِيرٍ مِنَ الْعَرَبِ فَجَهَّزَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فَحَارَبُوهُ أَشَدَّ مُحَارَبَةٍ إِلَى أَنْ خَذَلَهُ اللَّهُ وَقَتَلَهُ وَقُتِلَ فِي غُضُونِ ذَلِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ قِيلَ سَبْعُمِائَةٍ وَقِيلَ أَكْثَرُ قَوْلُهُ قَدِ اسْتَحَرَّ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ وَمُثَنَّاةٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَهَا حَاءٌ مُهْمَلَةٌ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ رَاءٌ ثَقِيلَةٌ أَيِ اشْتَدَّ وَكَثُرَ وَهُوَ اسْتَفْعَلَ مِنَ الْحَرِّ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ غَالِبًا يُضَافُ إِلَى الْحَرِّ كَمَا أَنَّ الْمَحْبُوبَ يُضَافُ إِلَى الْبَرْدِ يَقُولُونَ أَسْخَنَ اللَّهُ عَيْنَهُ وَأَقَرَّ عَيْنَهُ وَوَقَعَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ أَرَادَ عُمَرُ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ الْمَذْكُورَةِ قَتْلُ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَلَفْظُهُ فَلَمَّا قُتِلَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ خَشِيَ عُمَرُ أَنْ يَذْهَبَ الْقُرْآنُ فَجَاءَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَسَيَأْتِي أَنَّ سَالِمًا أَحَدُ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَخْذِ الْقُرْآنِ عَنْهُ قَوْلُهُ بِالْقُرَّاءِ بِالْمَوَاطِنِ أَيْ فِي الْمَوَاطِنِ أَي الْأَمَاكِن الَّتِي يقعفيها الْقِتَالُ مَعَ الْكُفَّارِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الْمَوَاطِنِ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ وَأَنَا أَخْشَى أَنْ لَا يَلْقَى الْمُسْلِمُونَ زَحْفًا آخَرَ إِلَّا اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ بِأَهْلِ الْقُرْآنِ قَوْلُهُ فَيَذْهَبُ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرْآنِ فِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ إِلَّا أَنْ يَجْمَعُوهُ وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ الْبَاقُونَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ قُتِلَ فِي وَقْعَةِ الْيَمَامَةِ كَانَ قَدْ حَفِظَ الْقُرْآنَ لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ مَجْمُوعَهُمْ جَمَعَهُ لَا أَنَّ كُلَّ فَرْدٍ جَمَعَهُ وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ لِذَلِكَ فِي بَابِ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ قُلْتُ لِعُمَرَ هُوَ خِطَابُ أَبِي بَكْرٍ لِعُمَرَ حَكَاهُ ثَانِيًا لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ لَمَّا أَرْسَلَ إِلَيْهِ وَهُوَ كَلَامُ مَنْ يُؤْثِرُ الِاتِّبَاعَ وَيَنْفِرُ مِنَ الِابْتِدَاعِ قَوْلُهُ لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ تَصْرِيحُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِذَلِكَ وَفِي رِوَايَةِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ فَنَفَرَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ أَفْعَلُ مَا لَمْ يَفْعَلْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا لَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ فِي الْمُصْحَفِ لِمَا كَانَ يَتَرَقَّبُهُ مِنْ وُرُودِ نَاسِخٍ لِبَعْضِ أَحْكَامِهِ أَوْ تِلَاوَتِهِ فَلَمَّا انْقَضَى نُزُولُهُ بِوَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْهَمَ اللَّهُ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ ذَلِكَ وَفَاءً لِوَعْدِ الصَّادِقِ بِضَمَانِ حِفْظِهِ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ زَادَهَا اللَّهُ شَرَفًا فَكَانَ ابْتِدَاءُ ذَلِكَ عَلَى يَدِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بمشورة عمر وَيُؤَيِّدهُ مَا أخرجه بن أَبِي دَاوُدَ فِي الْمَصَاحِفِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ أَعْظَمُ النَّاسِ فِي الْمَصَاحِفِ أَجْرًا أَبُو بَكْرٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ هُوَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَكْتُبُوا عَنِّي شَيْئًا غَيْرَ الْقُرْآنِ الْحَدِيثَ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي كِتَابَةٍ مَخْصُوصَةٍ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَقَدْ كَانَ الْقُرْآنُ كُلُّهُ كُتِبَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنْ غَيْرُ مَجْمُوعٍ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَلَا مُرَتّب السُّور وَأما مَا أخرجه بن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف من

الصفحة 12