كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 9)
(قَوْلُهُ بَابُ الْأَكْفَاءِ)
فِي الدِّينِ جَمْعُ كُفْءٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْفَاءِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ الْمِثْلُ وَالنَّظِيرُ وَاعْتِبَارُ الْكَفَاءَةِ فِي الدِّينِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَلَا تَحِلُّ الْمُسْلِمَةُ لِكَافِرٍ أَصْلًا قَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وصهرا الْآيَةَ قَالَ الْفَرَّاءُ النَّسَبُ مَنْ لَا يَحِلُّ نِكَاحُهُ وَالصِّهْرُ مَنْ يَحِلُّ نِكَاحُهُ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا رَأَى الْحَصْرَ وَقَعَ بِالْقِسْمَيْنِ صَلُحَ التَّمَسُّكُ بِالْعُمُومِ لِوُجُودِ الصَّلَاحِيَّةِ إِلَّا مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى اعْتِبَارِهِ وَهُوَ اسْتِثْنَاءُ الْكَافِرِ وَقَدْ جَزَمَ بِأَنَّ اعْتِبَارَ الْكَفَاءَةِ مُخْتَصٌّ بِالدِّينِ مَالِكٌ وَنُقِلَ عَن بن عمر وبن مَسْعُودٍ وَمِنَ التَّابِعِينَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَاعْتَبَرَ الْكَفَاءَةَ فِي النَّسَبِ الْجُمْهُورُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ قُرَيْشٌ أَكْفَاءُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَالْعَرَبُ كَذَلِكَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ كُفْأً لِقُرَيْشٍ كَمَا لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ كُفْأً لِلْعَرَبِ وَهُوَ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالصَّحِيحُ تَقْدِيمُ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ عَلَى غَيْرِهِمْ وَمَنْ عَدَا هَؤُلَاءِ أَكْفَاءُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا نَكَحَ الْمَوْلَى الْعَرَبِيَّةَ يُفْسَخُ النِّكَاحُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَتَوَسَّطَ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ لَيْسَ نِكَاحُ غَيْرِ الْأَكْفَاءِ حَرَامًا فَأَرُدُّ بِهِ النِّكَاحَ وَإِنَّمَا هُوَ تَقْصِيرٌ بِالْمَرْأَةِ وَالْأَوْلِيَاءِ فَإِذَا رَضُوا صَحَّ وَيَكُونُ حَقًّا لَهُمْ تَرَكُوهُ فَلَوْ رَضُوا إِلَّا وَاحِدًا فَلَهُ فَسْخُهُ
الصفحة 132