كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 9)
أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْقَرَابَةِ مَخَافَةَ الضغائن وَقد نقل الْعَمَل بذلك عَن بن أَبِي لَيْلَى وَعَنْ زُفَرَ أَيْضًا وَلَكِنِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاع على خلَافَة وَقَالَهُ بن عبد الْبر وبن حزم وَغَيرهمَا قَوْله وَقَالَ عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس إِذا زنى بأخت امْرَأَته لم تحرم عَلَيْهِ امْرَأَته هَذَا مصير من بن عَبَّاسٍ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّهْيِ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِذَا كَانَ الْجَمْعُ بِعَقْدِ التَّزْوِيجِ وَهَذَا الْأَثر وَصله عبد الرَّزَّاق عَن بن جريج عَن عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ فِي رَجُلٍ زَنَى بِأُخْتِ امْرَأَتِهِ قَالَ تَخَطَّى حُرْمَةً إِلَى حُرْمَةٍ وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ امْرَأَته قَالَ بن جريج وَبَلغنِي عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ جَاوَزَ حُرْمَتَيْنِ إِلَى حُرْمَةٍ وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَخَالَفَتْ فِيهِ طَائِفَةٌ كَمَا سَيَجِيءُ قَوْلُهُ وَيُرْوَى عَنْ يحيى الْكِنْدِيّ عَن الشّعبِيّ وَأبي جَعْفَر فِيمَن يَلْعَبُ بِالصَّبِيِّ إِنْ أَدْخَلَهُ فِيهِ فَلَا يَتَزَوَّجَنَّ أُمَّهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ الْمُسْتَمْلِي وبن جَعْفَرٍ يَدُلُّ قَوْلُهُ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمد وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة بن نَصْرِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنِ الْمُسْتَمْلِي كَالْجَمَاعَةِ وَهَكَذَا وَصَلَهُ وَكِيعٌ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ يَحْيَى قَوْلُهُ وَيَحْيَى هَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَلم يُتَابع عَلَيْهِ انْتهى وَهُوَ بن قَيْسٍ رَوَى أَيْضًا عَنْ شُرَيْحٍ رَوَى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ وَشَرِيكٌ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ أَيْ غَيْرُ مَعْرُوفِ الْعَدَالَةِ وَإِلَّا فَاسْمُ الْجَهَالَةِ ارْتَفَعَ عَنْهُ بِرِوَايَةِ هَؤُلَاءِ وَقَدْ ذَكَرَهُ البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وبن أَبِي حَاتِمٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ جَرْحًا وَذَكَرَهُ بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ كَعَادَتِهِ فِيمَنْ لَمْ يُجَرَّحْ وَالْقَوْلُ الَّذِي رَوَاهُ يَحْيَى هَذَا قَدْ نُسِبَ إِلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَزَادَ وَكَذَا لَوْ تَلَوَّطَ بِأَبِي امْرَأَتِهِ أَوْ بِأَخِيهَا أَوْ بِشَخْصٍ ثُمَّ وُلِدَ لِلشَّخْصِ بِنْتٌ فَإِن كلا مِنْهُنَّ تحرم على الواطيء لِكَوْنِهَا بِنْتَ أَوْ أُخْتَ مَنْ نَكَحَهُ وَخَالَفَ ذَلِكَ الْجُمْهُورُ فَخَصُّوهُ بِالْمَرْأَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا وَهُوَ ظَاهر الْقُرْآن لقَوْله وَأُمَّهَات نِسَائِكُم وَأَن تجمعُوا بَين الاختين وَالذَّكَرُ لَيْسَ مِنَ النِّسَاءِ وَلَا أُخْتًا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِيمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَاطَ بِهَا هَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنْتُهَا أَمْ لَا وَجْهَانِ وَاللَّهُ أعلم قَوْله وَقَالَ عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ إِذَا زَنَى بِهَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ بِلَفْظِ فِي رَجُلٍ غَشِيَ أُمَّ امْرَأَتِهِ قَالَ تَخَطَّى حُرْمَتَيْنِ وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَفِي الْبَابِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثَ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَتْبَعُ الْمَرْأَةَ حَرَامًا ثُمَّ يَنْكِحُ ابْنَتَهَا أَوِ الْبِنْتُ ثُمَّ يَنْكِحُ أُمَّهَا قَالَ لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ إِنَّمَا يُحَرِّمُ مَا كَانَ بِنِكَاحٍ حَلَالٍ وَفِي إِسْنَادِهِمَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَقَّاصِيُّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ وَقَدْ أَخْرَجَ بن ماجة طرفا مِنْهُ من حَدِيث بن عُمَرَ لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ وَإِسْنَادُهُ أَصْلَحُ مِنَ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي نَصْرٍ عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ حَرَّمَهُ وَصَلَهُ الثَّوْرِيُّ فِي جَامِعِهِ مِنْ طَرِيقِهِ وَلَفْظِهِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ أَنَّهُ أصَاب أم امْرَأَته فَقَالَ لَهُ بن عَبَّاسٍ حَرُمَتْ عَلَيْكَ امْرَأَتُكَ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ وَلَدَتْ مِنْهُ سَبْعَةَ أَوْلَادٍ كُلُّهُمْ بَلَغَ مَبَالِغَ الرِّجَالِ قَوْلُهُ وَأَبُو نَصْرٍ هَذَا لَمْ يُعْرَفْ بسماعة من بن عَبَّاس كَذَا للْأَكْثَر وَفِي رِوَايَة بن الْمَهْدِيِّ عَنِ الْمُسْتَمْلِي لَا يُعْرَفُ سَمَاعُهُ وَهِيَ أَوْجُهٌ وَأَبُو نَصْرٍ هَذَا بَصْرِيٌّ أَسَدِيٌّ وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَفِي الْبَابِ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ أَخْرَجَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ مَرْفُوعًا مَنْ نَظَرَ إِلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ لَمْ تَحِلَّ لَهُ أُمُّهَا وَلَا بِنْتُهَا وَإِسْنَادُهُ مَجْهُولٌ قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ قَوْلُهُ وَيُرْوَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَالْحَسَنِ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَبَعْضِ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَمَّا قَوْلُ عِمْرَانَ فَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْهُ قَالَ فِيمَنْ فَجَرَ بِأُمِّ امْرَأَتِهِ حَرُمَتَا عَلَيْهِ جَمِيعًا وَلَا بَأْس بِإِسْنَادِهِ وَأخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ عِمْرَانَ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَأَمَّا قَوْلُ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَالْحسن فوصله بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ
الصفحة 156