كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 9)

بعد مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ فَبَدَأَ بِهِ فَذَكَرَ حَدِيثَ الْبَابِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ مَحَبَّةُ مَنْ يَكُونُ مَاهِرًا فِي الْقُرْآنِ وَأَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالرَّجُلِ فِي الذِّكْرِ عَلَى غَيْرِهِ فِي أَمْرٍ اشْتَرَكَ فِيهِ مَعَ غَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِهِ فِيهِ وَتَقَدَّمَ بَقِيَّةُ شَرْحِهِ هُنَاكَ وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ الْإِعْلَامَ بِمَا يَكُونُ بَعْدَهُ أَيْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةَ يَبْقَوْنَ حَتَّى يَنْفَرِدُوا بِذَلِكَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْفَرِدُوا بَلِ الَّذِينَ مَهَرُوا فِي تَجْوِيدِ الْقُرْآنِ بَعْدَ الْعَصْرِ النَّبَوِيِّ أَضْعَافُ الْمَذْكُورِينَ وَقَدْ قُتِلَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَقْعَةِ الْيَمَامَةِ وَمَاتَ معَاذ فِي خلَافَة عمر وَمَات أبي وبن مَسْعُودٍ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ وَقَدْ تَأَخَّرَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ الرِّيَاسَةُ فِي الْقِرَاءَةِ وَعَاشَ بَعْدَهُمْ زَمَانًا طَوِيلًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْأَخْذِ عَنْهُمْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي صَدَرَ فِيهِ ذَلِكَ الْقَوْلُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ شَارَكَهُمْ فِي حِفْظِ الْقُرْآنِ بَلْ كَانَ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ مِثْلَ الَّذِينَ حَفِظُوهُ وَأَزْيَدُ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ بِئْرِ مَعُونَةَ أَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا بِهَا مِنَ الصَّحَابَةِ كَانَ يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ وَكَانُوا سَبْعِينَ رَجُلًا الْحَدِيثُ الثَّانِي

[5000] قَوْله حَدثنَا عمر بن حَفْص حدثناابي كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَحَكَى الْجَيَّانِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ عَنْ الْجُرْجَانِيِّ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبِي وَهُوَ خَطَأٌ مَقْلُوبٌ وَلَيْسَ لِحَفْصِ بْنِ عُمَرَ أَبٌ يَرْوِي عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ وَإِنَّمَا هُوَ عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتَانِيَّةِ وَالْمُثَلَّثَةِ وَكَانَ أَبُوهُ قَاضِيَ الْكُوفَةِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ سَهْلِ بْنِ بَحْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ وَنَسَبَهُ ثُمَّ قَالَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ قَوْلُهُ حَدَّثَنَا شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ جَمِيعًا عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَهُوَ شَقِيقٌ الْمَذْكُورُ وَجَاءَ عَنِ الْأَعْمَشِ فِيهِ شَيْخٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ عَنِ بن مَسْعُودٍ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ للأعمش فِيهِ طَرِيقَانِ وَإِلَّا فإسحاق وَهُوَ بن رَاهْوَيْهِ أَتْقَنُ مِنَ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ مَعَ أَنَّ الْمَحْفُوظَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فِيهِ مَا أخرجه أَحْمد وبن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ وَإِسْرَائِيلَ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ خُمَيْرٍ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مصغر عَن بن مَسْعُودٍ فَحَصَلَ الشُّذُوذُ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ فِي مَوْضِعَيْنِ قَوْلُهُ خَطَبَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً زَادَ عَاصِمٌ عَنْ بَدْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَأَخَذْتُ بَقِيَّةَ الْقُرْآنِ عَنْ أَصْحَابِهِ وَعِنْدَ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ فِي رِوَايَتِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَوَّلِهِ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ قَالَ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ تَأْمُرُونَنِي أَنْ أَقْرَأَ وَقَدْ قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ وَأبي عوَانَة وبن أبي دَاوُد من طَرِيق بن شهَاب عَن الْأَعْمَش عنأبي وَائِلٍ قَالَ خَطَبَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُلُّوا مَصَاحِفَكُمْ وَكَيْفَ تَأْمُرُونَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَى قِرَاءَةِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَقَدْ قَرَأْتُ مِنْ فِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ وَفِي رِوَايَةِ خُمَيْرِ بْنِ مَالِكٍ الْمَذْكُورَةِ بَيَان السَّبَب فِي قَول بن مَسْعُودٍ هَذَا وَلَفْظُهُ لَمَّا أُمِرَ بِالْمَصَاحِفِ أَنْ تُغَيَّرَ سَاءَ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ مَنِ اسْتَطَاعَ وَقَالَ فِي آخِرِهِ أَفَأَتْرُكُ مَا أَخَذْتُ مِنْ فِيِّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ فَقَالَ إِنِّي غَالٌّ مُصْحَفِيِّ فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَغُلَّ مُصْحَفَهُ فَلْيَفْعَلْ وَعِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَيْسَرَةَ قَالَ رُحْتُ فَإِذَا أَنَا بِالْأَشْعَرِيِّ وَحُذَيْفَةَ وبن مَسْعُود فَقَالَ بن مَسْعُودٍ وَاللَّهِ لَا أَدْفَعُهُ يَعْنِي مُصْحَفَهُ أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ قَوْلُهُ وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي مِنْ أَعْلَمِهِمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدَةَ وَأَبِي شِهَابٍ جَمِيعًا عَنِ الْأَعْمَشِ أَنِّي أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ بِحَذْفِ مِنْ وَزَادَ وَلَوْ أَعْلَمُ

الصفحة 48