كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 9)

أَنَّ لِكُلِّ آدَمِيٍّ شَيْطَانًا وُكِّلَ بِهِ أَوِ اللَّامُ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ كَأَنَّهُ قَالَ ذَاكَ شَيْطَانُكَ أَوِ الْمُرَادُ الشَّيْطَانُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ حَيْثُ قَالَ فِي الْحَدِيثِ وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ وَشَرَحَهُ الطِّيبِيُّ عَلَى هَذَا فَقَالَ هُوَ أَيْ قَوْلُهُ فَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ مُطْلَقٌ شَائِعٌ فِي جِنْسِهِ وَالثَّانِي فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ ذَلِكَ الْجِنْسِ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا الْمَاضِي فِي الصَّلَاةِ وَفِي التَّفْسِيرِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ شَيْطَانًا تَفَلَّتَ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَلَوْلَا دَعْوَةُ أَخِي سُلَيْمَانَ لَأَصْبَحَ مَرْبُوطًا بِسَارِيَةٍ وَتَقْرِيرُ الْإِشْكَالِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْتَنَعَ مِنْ إِمْسَاكِهِ مِنْ أَجْلِ دَعْوَةِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيْثُ قَالَ وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بعدِي قَالَ الله تَعَالَى فسخرنا لَهُ الرّيح ثُمَّ قَالَ وَالشَّيَاطِينَ وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَمْسَكَ الشَّيْطَانَ الَّذِي رَآهُ وَأَرَادَ حَمْلَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالشَّيْطَانِ الَّذِي هَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُوثِقَهُ هُوَ رَأْسُ الشَّيَاطِينِ الَّذِي يَلْزَمُ من التَّمَكُّن من التَّمَكُّنَ مِنْهُمْ فَيُضَاهِي حِينَئِذٍ مَا حَصَلَ لِسُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ تَسْخِيرِ الشَّيَاطِينِ فِيمَا يُرِيدُ وَالتَّوَثُّقِ مِنْهُمْ وَالْمُرَادُ بِالشَّيْطَانِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ إِمَّا شَيْطَانُهُ بِخُصُوصِهِ أَوْ آخَرُ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ اتِّبَاعُ غَيْرِهِ مِنَ الشَّيَاطِينِ فِي ذَلِكَ التَّمَكُّنِ أَوِ الشَّيْطَانُ الَّذِي هَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَبْطِهِ تَبَدَّى لَهُ فِي صِفَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ كَانُوا فِي خِدْمَةِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى هَيْئَتِهِمْ وَأَمَّا الَّذِي تَبَدَّى لِأَبِي هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ فَكَانَ عَلَى هَيْئَةِ الْآدَمِيِّينَ فَلَمْ يَكُنْ فِي إِمْسَاكِهِ مُضَاهَاةً لِمُلْكِ سُلَيْمَان وَالْعلم عِنْد الله تَعَالَى

(قَوْلُهُ بَابُ فَضْلِ الْكَهْفِ)
فِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَقْتِ فَضْلُ سُورَةِ الْكَهْفِ وَسَقَطَ لَفْظُ بَابُ فِي هَذَا وَالَّذِي قَبْلَهُ وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ لِغَيْرِ أبي ذَر قَوْله حَدثنَا زُهَيْر هُوَ بن مُعَاوِيَةَ

[5011] قَوْلُهُ عَنِ الْبَرَاءِ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ قَوْلُهُ كَانَ رَجُلٌ قِيلَ هُوَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ كَمَا سَيَأْتِي مِنْ حَدِيثِهِ نَفْسِهِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَفِي هَذَا أَنَّهُ كَانَ يقرأسورة الْكَهْفِ وَهَذَا ظَاهِرُهُ التَّعَدُّدُ وَقَدْ وَقَعَ قَرِيبٌ مِنَ الْقِصَّةِ الَّتِي لِأُسَيْدٍ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شِمَاسٍ لَكِنْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَيْضًا وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقٍ مُرْسَلَةٍ قَالَ قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَمْ تَرَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ لَمْ تَزَلْ دَارُهُ الْبَارِحَةَ تَزْهَرُ بِمَصَابِيحَ قَالَ فَلَعَلَّهُ قَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَسُئِلَ قَالَ قَرَأْتُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَيُحْتَمَلُ أَن يكون قرأسورة الْبَقَرَةِ وَسُورَةَ الْكَهْفِ جَمِيعًا أَوْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلُهُ بِشَطَنَيْنِ جَمْعُ شَطَنٍ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْحَبْلُ وَقِيلَ بِشَرْطِ طُولِهِ وَكَأَنَّهُ كَانَ شَدِيدَ الصُّعُوبَةِ قَوْلُهُ وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ بِنُونٍ وَفَاءٍ وَمُهْمَلَةٍ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ يَنْقُزُ بِقَافٍ وَزَايٍ وَخَطَّأَهُ عِيَاضٌ فَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَمَعْنَاهَا هُنَا وَاضِحٌ قَوْلُهُ تِلْكَ السَّكِينَةُ بِمُهْمَلَةٍ وَزْنَ عَظِيمَةٍ وَحكى بن قُرْقُولٍ وَالصَّغَانِيُّ فِيهَا كَسْرَ أَوَّلِهَا وَالتَّشْدِيدَ بِلَفْظِ المرادف للمدية وَقد نسبه بن قُرْقُولٍ لِلْحَرْبِيِّ وَأَنَّهُ حَكَاهُ عَنْ

الصفحة 57