كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 9)

بَعْضِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَتَقَرَّرَ لَفْظُ السَّكِينَةِ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ فَرَوَى الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ هِيَ رِيحٌ هَفَّافَةٌ لَهَا وَجْهٌ كَوَجْهِ الْإِنْسَانِ وَقِيلَ لَهَا رَأْسَانِ وَعَنْ مُجَاهِدٍ لَهَا رَأْسٌ كَرَأْسِ الْهِرِّ وَعَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ لِعَيْنِهَا شُعَاعٌ وَعَنِ السُّدِّيِّ السَّكِينَةُ طَسْتٌ مِنْ ذَهَبٍ مِنَ الْجَنَّةِ يُغْسَلُ فِيهَا قُلُوبُ الْأَنْبِيَاءِ وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ هِيَ الَّتِي أَلْقَى فِيهَا مُوسَى الْأَلْوَاحَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْعَصَا وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ هِيَ رُوحٌ مِنَ اللَّهِ وَعَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ قَالَ هِيَ الرَّحْمَةُ وَعَنْهُ هِيَ سُكُونُ الْقَلْبِ وَهَذَا اخْتِيَارُ الطَّبَرِيِّ وَقِيلَ هِيَ الطُّمَأْنِينَةُ وَقِيلَ الْوَقَارُ وَقِيلَ الْمَلَائِكَةُ ذَكَرَهُ الصَّغَانِيُّ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا مَقُولَةٌ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى هَذِهِ الْمَعَانِي فَيُحْمَلُ كُلُّ مَوْضِعٍ وَرَدَتْ فِيهِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ وَالَّذِي يَلِيقُ بِحَدِيثِ الْبَابِ هُوَ الْأَوَّلُ وَلَيْسَ قَوْلُ وَهْبٍ بِبَعِيدٍ وَأما قَوْله فَأنْزل الله سكينته عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤمنِينَ فَيُحْتَمَلُ الْأَوَّلَ وَيُحْتَمَلُ قَوْلُ وَهْبٍ وَالضَّحَّاكِ فَقَدْ أَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ الْبَابِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْفَتْحِ كَذَلِكَ وَأَمَّا الَّتِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِيهِ سكينَة من ربكُم فَيُحْتَمَلُ قَوْلُ السُّدِّيِّ وَأَبِي مَالِكٍ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْمُخْتَارُ أَنَّهَا شَيْءٌ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ فِيهِ طُمَأْنِينَةٌ وَرَحْمَةٌ وَمَعَهُ الْمَلَائِكَةُ قَوْلُهُ تَنَزَّلَتْ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ تُنْزَلُ بِضَمِ اللَّامِ بِغَيْرِ تَاءٍ وَالْأَصْلُ تَتَنَزَّلُ وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ نَزَلَتْ مَعَ الْقُرْآنِ أَو على الْقُرْآن

(قَوْلُهُ بَابُ فَضْلِ سُورَةِ الْفَتْحِ)
فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ فَضْلُ سُورَةِ الْفَتْحِ بِغَيْرِ بَابُ

[5012] قَوْلُهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ وَفِي التَّفْسِيرِ أَنَّ هَذَا السِّيَاقَ صُورَتُهُ الْإِرْسَالُ وَأَنَّ الْإِسْمَاعِيلِيَّ وَالْبَزَّارَ أَخْرَجَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ عَنْ مَالِكٍ بِصَرِيحِ الِاتِّصَالِ وَلَفْظُهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ ثُمَّ وَجَدْتُهُ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَقَالَ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ عُمَرَ ثُمَّ قَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ مَالِكٍ فَأَرْسَلَهُ فَأَشَارَ إِلَى الطَّرِيقِ الَّتِي أَخْرَجَهَا الْبُخَارِيُّ وَمَا وَافَقَهَا وَقَدْ بَيَّنْتُ فِي الْمُقَدِّمَةِ أَنَّ فِي أَثْنَاءِ السِّيَاقِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ أَسْلَمَ عَنْ عُمَرَ لِقَوْلِهِ فِيهِ قَالَ عُمَرُ فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي إِلَخْ وَتَقَدَّمَتْ بَقِيَّةُ شَرْحِهِ فِي تَفْسِير سُورَة الْفَتْح

الصفحة 58