كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 9)

فِي الطِّبِّ وَيَأْكُلُ مَعَنَا وَهَذَا إِنْ صَحَّ يَرُدُّ عَلَى الصَّيْمَرِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ فِي زَعْمِهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَافَهُ كَمَا عَافَ الضَّبَّ ثُمَّ وَقَفْتُ عَلَى مُسْتَنَدِ الصَّيْمَرِيِّ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ سُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجَرَادِ فَقَالَ لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ وَالصَّوَابُ مُرْسَلٌ وَلِابْنِ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ ثَابِتِ بْنِ زُهَيْر عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الضَّبِّ فَقَالَ لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ وَسُئِلَ عَنِ الْجَرَادِ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ وَهَذَا لَيْسَ ثَابِتًا لِأَنَّ ثَابِتًا قَالَ فِيهِ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِثِقَةٍ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى حِلِّ أكل الْجَرَاد لَكِن فصل بن الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ بَيْنَ جَرَادِ الْحِجَازِ وَجَرَادِ الْأَنْدَلُسِ فَقَالَ فِي جَرَادِ الْأَنْدَلُسِ لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ مَحْضٌ وَهَذَا إِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ يَضُرُّ أَكْلُهُ بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ سُمِّيَّةٌ تَخُصُّهُ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ جَرَادِ الْبِلَادِ تَعَيَّنَ اسْتِثْنَاؤُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ وَقَالَ سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ وَقَدْ وَصَلَهُ الدَّارِمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ وَهُوَ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ سُفْيَانَ وَهُوَ الثَّوْرِيُّ وَلَفْظُهُ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأْكُلُ الْجَرَادَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَأَفَادَ أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ لَكِنْ قَالَ سِتَّ غَزَوَاتٍ قُلْتُ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ بن عُيَيْنَةَ جَازِمًا بِالسِّتِّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ كَذَا قَالَ بن عُيَيْنَةَ سِتَّ وَقَالَ غَيْرُهُ سَبْعَ قُلْتُ وَدَلَّتْ رِوَايَةُ شُعْبَةَ عَلَى أَنَّ شَيْخَهُمْ كَانَ يَشُكُّ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ جَزَمَ مَرَّةً بِالسَّبْعِ ثُمَّ لَمَّا طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّكُّ صَارَ يَجْزِمُ بِالسِّتِّ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْحَمْلَ أَنَّ سَمَاعَ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ عَنْهُ مُتَأَخِّرٌ دُونَ الثَّوْرِيِّ وَمن ذكر مَعَه وَلَكِن وَقع عِنْد بن حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْوَلِيدِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ سَبْعًا أَوْ سِتًّا يَشُكُّ شُعْبَةُ قَوْلُهُ وَأَبُو عَوَانَةُ وَصَلَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي كَامِلٍ عَنْهُ وَلَفْظُهُ مِثْلُ الثَّوْرِيِّ وَذَكَرَهُ الْبَزَّارُ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ حَمَّادِ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ فَقَالَ مَرَّةً عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ وَمَرَّةً عَنِ الشَّيْبَانِيِّ وَأَشَارَ إِلَى تَرْجِيحِ كَوْنِهِ عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ صَرِيحًا أَنَّهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ قَوْلُهُ وَإِسْرَائِيلُ وَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ عَنْهُ وَلَفْظُهُ سَبْعَ غَزَوَاتٍ فَكُنَّا نَأْكُلُ مَعَهُ الْجَرَادَ

الصفحة 622