كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 9)

أَيْ لَا تَأْكُلُوهُ فِي حَالِ كَوْنِهِ فِسْقًا وَالْمُرَادُ بِالْفِسْقِ قَدْ بُيِّنَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ فَرَجَعَ الزَّجْرُ إِلَى النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ مَا ذُبِحَ لِغَيْرِ اللَّهِ فَلَيْسَتِ الْآيَةُ صَرِيحَةً فِي فِسْقِ مَنْ أَكَلَ مَا ذُبِحَ بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ اه وَلَعَلَّ هَذَا الْقَدْرَ هُوَ الَّذِي حَذَّرَتْ مِنْهُ الْآيَةُ وَقَدْ نُوزِعَ الْمَذْكُورُ فِيمَا حَمَلَ عَلَيْهِ الْآيَةَ وَمُنِعَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ كَوْنِ الْآيَةِ مُجْمَلَةً وَالْأُخْرَى مُبَيِّنَةً لِأَنَّ ثَمَّ شُرُوطًا لَيْسَتْ هُنَا

[5498] قَوْلُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ هُوَ الثَّوْرِيُّ وَالِدُ سُفْيَانَ وَمَدَارُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَنْ عَبَايَةَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ تَحْتَانِيَّةٌ قَوْلُهُ عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ كَذَا قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَقَالَ أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ عَبَايَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَلَيْسَ لِرِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ ذِكْرٌ فِي كُتُبِ الْأَقْدَمِينَ مِمَّنْ صَنَّفَ فِي الرِّجَالِ وَإِنَّمَا ذَكَرُوا وَلَدَهُ عَبَايَةَ بْنَ رِفَاعَةَ نعم ذكره بن حِبَّانَ فِي ثِقَاتِ التَّابِعِينَ وَقَالَ إِنَّهُ يُكَنَّى أَبَا خَدِيجٍ وَتَابَعَ أَبَا الْأَحْوَصَ عَلَى زِيَادَتِهِ فِي الْإِسْنَادِ حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِرْمَانِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَهَكَذَا رَوَاهُ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ عَبَايَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ قَالَ وَكَذَا قَالَ مُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الطَّبَرَانِيَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ مُبَارَكٍ فَلَمْ يَقُلْ فِي الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِيهِ فَلَعَلَّهُ اخْتُلِفَ عَلَى الْمُبَارَكِ فِيهِ فَإِنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ لَا يَتَكَلَّمُ فِي هَذَا الْفَنِّ جُزَافًا وَرِوَايَةُ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَقَدْ أَغْفَلَ الدَّارَقُطْنِيُّ ذِكْرَ طَرِيقِ حَسَّانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ الْجَيَّانِيُّ رَوَى الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ رَافِعٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَحْوَصِ فَقَالَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ هَكَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ وَسَقَطَ قَوْلُهُ عَنْ أَبِيهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ عِنْدَ الْفَرَبْرِيِّ وَحْدَهُ وَأَظُنُّهُ مِنْ إِصْلَاحِ بن السكن فَإِن بن أَبِي شَيْبَةَ أَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ بِإِثْبَاتِ قَوْلِهِ عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِي هَذَا السَّنَدِ عَنْ أَبِيهِ غَيْرُ أَبِي الْأَحْوَصِ اه وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي بَابِ التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ ذِكْرَ مَنْ تَابَعَ أَبَا الْأَحْوَصِ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ نَقَلَ الْجَيَّانِيُّ عَنْ عَبْدِ الْغَنِيِّ بْنِ سَعِيدٍ حَافِظِ مِصْرَ أَنَّهُ قَالَ خَرَّجَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَلَى الصَّوَابِ يَعْنِي بِإِسْقَاطِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَهُوَ أَصْلٌ يَعْمَلُ بِهِ مَنْ بَعْدَ الْبُخَارِيِّ إِذَا وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ خَطَأٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ قَالَ وَإِنَّمَا يَحْسُنُ هَذَا فِي النَّقْصِ دُونَ الزِّيَادَةِ فَيُحْذَفُ الْخَطَأُ قَالَ الْجَيَّانِيُّ وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ عَبْدُ الْغَنِيّ على مَا وَقع فِي رِوَايَة بن السَّكَنِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ مِنْ عَمَلِ الْبُخَارِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْأَكْثَرَ رَوَوْهُ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِإِثْبَاتِ قَوْلِهِ عَنْ أَبِيهِ قَوْلُهُ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي الْحُلَيْفَةَ زَادَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ مِنْ تِهَامَةَ تَقَدَّمَتْ فِي الشَّرِكَةِ وَذُو الْحُلَيْفَةِ هَذَا مَكَانٌ غَيْرُ مِيقَاتِ الْمَدِينَةِ لِأَنَّ الْمِيقَاتَ فِي طَرِيقِ الذَّاهِبِ مِنَ الْمَدِينَةِ وَمِنَ الشَّامِ إِلَى مَكَّةَ وَهَذِهِ بِالْقُرْبِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ بَيْنَ الطَّائِفِ وَمَكَّةَ كَذَا جَزَمَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ الْحَازِمِيُّ وَيَاقُوتٌ وَوَقَعَ لِلْقَابِسِيِّ أَنَّهَا الْمِيقَاتُ الْمَشْهُورُ وَكَذَا ذَكَرَ النَّوَوِيُّ قَالُوا وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ رُجُوعِهِمْ مِنَ الطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِهَامَةُ اسْمٌ لِكُلِّ مَا نَزَلَ مِنْ بِلَادِ الْحِجَازِ سميت بذلت مِنَ التَّهَمِ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَاءِ وَهُوَ شِدَّةُ الْحَرِّ وَرُكُودُ الرِّيحِ وَقِيلَ تَغَيُّرُ الْهَوَاءِ قَوْلُهُ فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ كَأَنَّ الصَّحَابِيَّ قَالَ هَذَا مُمَهِّدًا لِعُذْرِهِمْ فِي ذَبْحِهِمُ الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ الَّتِي أَصَابُوا قَوْلُهُ فَأَصَبْنَا إِبِلًا وَغَنَمًا فِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَحْوَصِ وَتَقَدَّمَ سَرَعَانُ النَّاسِ فَأَصَابُوا مِنَ الْمَغَانِمِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ الْآتِيَةِ بَعْدَ أَبْوَابٍ فَأَصَبْنَا نَهْبَ إِبِلٍ وَغَنَمٍ قَوْلُهُ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ أُخْرَيَاتٌ جَمْعٌ أُخْرَى وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَحْوَصِ فِي آخِرِ النَّاسِ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ صَوْنًا لِلْعَسْكَرِ

الصفحة 625