كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 9)

عَبَايَة بن رِفَاعَةَ لَمْ يُدْرِكْ زَمَانَ الْقَوْلِ وَظَاهِرُ سَائِرِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ عَبَايَةَ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ جَدِّهِ فَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ عُبَيْدٍ الْآتِيَةِ أَيْضًا قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَحْوَصِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَوْلُهُ إِنَّا لَنَرْجُو أَوْ نَخَافُ هُوَ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَفِي التَّعْبِيرِ بِالرَّجَاءِ إِشَارَةٌ إِلَى حِرْصِهِمْ عَلَى لِقَاءِ الْعَدُوِّ لِمَا يَرْجُونَهُ مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ أَوِ الْغَنِيمَةِ وَبِالْخَوْفِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُمْ لَا يُحِبُّونَ أَنْ يَهْجُمَ عَلَيْهِمُ الْعَدُوُّ بَغْتَةً وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَحْوَصِ إِنَّا نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا بِالْجَزْمِ وَلَعَلَّهُ عَرَفَ ذَلِكَ بِخَبَرِ مَنْ صَدَّقَهُ أَوْ بِالْقَرَائِنِ وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنِ الثَّوْرِيِّ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ عَلَى مُسْلِمٍ إِنَّا نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا وَإِنَّا نَرْجُو كَذَا بِحَذْفِ مُتَعَلَّقِ الرَّجَاءِ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ الْغَنِيمَةُ قَوْلُهُ وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى بِضَمِّ أَوَّلِهِ مُخَفَّفٌ مَقْصُورٌ جَمْعُ مُدْيَةٍ بِسُكُونِ الدَّالِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ وَهِيَ السِّكِّينُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَقْطَعُ مَدَى الْحَيَوَانِ أَيْ عُمْرَهُ وَالرَّابِطُ بَيْنَ قَوْلِهِ نَلْقَى الْعَدُوَّ وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُمْ إِذَا لَقُوُا الْعَدُوَّ صَارُوا بِصَدَدِ أَنْ يَغْنَمُوا مِنْهُمْ مَا يَذْبَحُونَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إِلَى ذَبْحِ مَا يَأْكُلُونَهُ لِيَتَقَوَّوْا بِهِ عَلَى الْعَدُوِّ إِذَا لَقَوْهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قِسْمَةِ الْغَنَمِ وَالْإِبِلِ بَيْنَهُمْ فَكَانَ مَعَهُمْ مَا يَذْبَحُونَهُ وَكَرِهُوا أَنْ يَذْبَحُوا بِسُيُوفِهِمْ لِئَلَّا يَضُرَّ ذَلِكَ بِحَدِّهَا وَالْحَاجَةُ مَاسَةٌ لَهُ فَسَأَلَ عَنِ الَّذِي يُجْزِئُ فِي الذَّبْحِ غَيْرِ السِّكِّينِ وَالسَّيْفُ وَهَذَا وَجْهُ الْحَصْرِ فِي الْمُدْيَةِ وَالْقَصَبِ وَنَحْوِهِ مَعَ إِمْكَانِ مَا فِي مَعْنَى الْمُدْيَةِ وَهُوَ السَّيْفُ وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث غير هَذَا إِنَّكُم لاقوا الْعَدُوِّ غَدًا وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ فَنَدَبَهُمْ إِلَى الْفِطْرِ لِيَتَقَوَّوْا قَوْلُهُ أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ يَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ بَعْدَ بَابَيْنِ قَوْلُهُ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ أَيْ أَسَالَهُ وَصَبَّهُ بِكَثْرَةِ شُبِّهَ بِجَرْيِ الْمَاءِ فِي النَّهَرِ قَالَ عِيَاضٌ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَاتِ بِالرَّاءِ وَذَكَرَهُ أَبُو ذَرٍّ الْخُشَنِيُّ بالزاي وَقَالَ النَّهر بِمَعْنى الرّفْع وَهُوَ غَرِيب وَمَا مَوْصُولَةٌ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهَا فَكُلُوا وَالتَّقْدِيرُ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ فَهُوَ حَلَالٌ فَكُلُوا وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ شَرْطِيَّةً وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الثَّوْرِيِّ كُلُّ مَا أَنْهَرَ الدَّم ذَكَاة وَمَا فِي هَذَا مَوْصُوفَةٌ قَوْلُهُ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ هَكَذَا وَقَعَ هُنَا وَكَذَا هُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِحَذْفِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ وَثَبَتَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الشَّرِكَةِ وَكَلَامُ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يُوهِمُ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي الْبُخَارِيِّ إِذْ قَالَ هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ كُلِّهَا يَعْنِي مِنْ مُسْلِمٍ وَفِيهِ مَحْذُوفٌ أَيْ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَوْ مَعَهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ اه فَكَأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَرَهَا فِي الذَّبَائِحِ مِنَ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا عَزَاهَا لِأَبِي دَاوُدَ إِذْ لَوِ اسْتَحْضَرَهَا مِنَ الْبُخَارِيِّ مَا عَدَلَ عَنِ التَّصْرِيحِ بِذِكْرِهَا فِيهِ اشْتِرَاطُ التَّسْمِيَةِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْإِذْنَ بِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ وَهُمَا الْإِنْهَارُ وَالتَّسْمِيَةُ وَالْمُعَلَّقُ عَلَى شَيْئَيْنِ لَا يُكْتَفَى فِيهِ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا وَيَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ أَحَدِهِمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي اشْتِرَاطِ التَّسْمِيَةِ أَوَّلَ الْبَابِ وَيَأْتِي أَيْضًا قَرِيبًا قَوْلُهُ لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ بِالنَّصْبِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ بِلَيْسَ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ أَيْ لَيْسَ السِّنُّ وَالظُّفُرُ مُبَاحًا أَوْ مُجْزِئًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَحْوَصِ مَا لَمْ يَكُنْ سِنٌّ أَوْ ظُفُرٌ وَفِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ عُبَيْدٍ غَيْرُ السِّنِّ وَالظُّفُرِ وَفِي رِوَايَةِ دَاوُدَ بْنِ عِيسَى إِلَّا سِنًّا أَوْ ظُفُرًا قَوْلُهُ وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَسَأُخْبِرُكُمْ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ وَهَلْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَرْفُوعِ أَوْ مُدْرَجٌ فِي بَابِ إِذَا أَصَابَ قَوْمٌ غَنِيمَةً قُبَيْلَ كِتَابِ الْأَضَاحِي قَوْلُهُ أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ هُوَ قِيَاسٌ حُذِفَتْ مِنْهُ الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ لِشُهْرَتِهَا عِنْدَهُمْ وَالتَّقْدِيرُ أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ وَكُلُّ عَظْمٍ لَا يَحِلُّ الذَّبْحُ بِهِ وَطَوَى النَّتِيجَةَ لِدَلَالَةِ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَيْهَا وَقَالَ بن الصّلاح فِي

الصفحة 628