كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 9)
شَاكِلَتَهُ يَعْنِي خَاصِرَتَهُ فَفَعَلَ وَأُخْرِجَ مُقَطَّعًا فَأَخَذَ مِنْهُ بن عُمَرَ عَشِيرًا بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ أَرْبَعَةٍ وَأَمَّا أَثَرُ عَائِشَةَ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ بَعْدُ مَوْصُولًا وَقَدْ نَقله بن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ عَنِ الْجُمْهُورِ وَخَالَفَهُمْ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَنُقِلَ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَرَبِيعَةَ فَقَالُوا لَا يَحِلُّ أَكْلُ الْإِنْسِيِّ إِذَا تَوَحَّشَ إِلَّا بِتَذْكِيَتِهِ فِي حَلْقِهِ أَوْ لَبَّتِهِ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ رَافِعٍ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ قِصَّةَ نَصْبِ الْقُدُورِ وَإِكْفَائِهَا وَذَكَرَ سَائِرَ الْحَدِيثِ قَوْلُهُ فِيهِ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ خَدِيجٍ كَذَا فِيهِ نُسِبَ رِفَاعَةُ إِلَى جَدِّهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ بِغَيْرِ نَقْصٍ فِيهِ قَوْلُهُ فَقَالَ اعْجَلْ أَوْ أَرِنْ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ النُّونِ وَكَذَا ضَبَطَهُ الْخَطَّابِيُّ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَكَسْرِ النُّونِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي هُنَا وَأَرِنِي بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ آخِرَهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا حَرْفٌ طَالَمَا اسْتَثْبَتَ فِيهِ الرُّوَاةُ وَسَأَلْتُ عَنْهُ أَهْلَ اللُّغَةِ فَلَمْ أَجِدْ عِنْدَهُمْ مَا يَقْطَعُ بِصِحَّتِهِ وَقَدْ طَلَبْتُ لَهُ مَخْرَجًا فَذَكَرَ أَوْجُهًا أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ عَلَى الرِّوَايَةِ بِكَسْرِ الرَّاءِ مِنْ أَرَانَ الْقَوْمَ إِذَا هَلَكَتْ مَوَاشِيهِمْ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَهْلِكْهَا ذَبْحًا ثَانِيهَا أَنْ يَكُونَ عَلَى الرِّوَايَةِ بِسُكُون الرَّاء بِوَزْن أعْط يَعْنِي انْظُرُوا نظرُوا نتظر بِمَعْنًى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَمَّنْ قَالَ انظرونا نقتبس من نوركم أَيْ أَنْظِرُونَا أَوْ هُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى أَدِمِ الْحَزَّ مِنْ قَوْلِكَ رَنَوْتُ إِذَا أَدَمْتَ النَّظَرَ إِلَى الشَّيْءِ وَأَرَادَ أَدِمُ النَّظَرَ إِلَيْهِ وَرَاعِهِ بِبَصَرِكَ ثَالِثُهَا أَنْ يَكُونَ مَهْمُوزًا مِنْ قَوْلك أَو أَن يرثن إِذَا نَشِطَ وَخَفَّ كَأَنَّهُ فِعْلُ أَمْرٍ بِالْإِسْرَاعِ لِئَلَّا يَمُوتَ خَنْقًا وَرَجَّحَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ هَذَا الْوَجْه الْأَخير فَقَالَ صَوَابه ارثن بِهَمْزَةٍ وَمَعْنَاهُ خِفَّ وَاعْجَلْ لِئَلَّا تَخْنُقَهَا فَإِنَّ الذَّبْحَ إِذَا كَانَ بِغَيْرِ الْحَدِيدِ احْتَاجَ صَاحِبُهُ إِلَى خِفَّةِ يَدٍ وَسُرْعَةٍ فِي إِمْرَارِ تِلْكَ الْآلَةِ وَالْإِتْيَانِ عَلَى الْحُلْقُومِ وَالْأَوْدَاجِ كُلِّهَا قَبْلَ أَنْ تَهْلَكَ الذَّبِيحَةُ بِمَا يَنَالُهَا مِنْ أَلَمِ الضَّغْطِ قَبْلَ قَطْعِ مَذَابِحِهَا ثُمَّ قَالَ وَقَدْ ذَكَرْتُ هَذَا الْحَرْفَ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ وَذَكَرْتُ فِيهِ وُجُوهًا يَحْتَمِلُهَا التَّأْوِيلُ وَكَانَ قَالَ فِيهِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْكَلِمَةُ تَصَحَّفَتْ وَكَانَ فِي الْأَصْلِ أَزَزَ بِالزَّايِ مِنْ قَوْلِكَ أَزَزَ الرَّجُلُ إِصْبَعَهُ إِذَا جَعَلَهَا فِي الشَّيْءِ وَأَزَزَتِ الْجَرَادَةُ أَزَزًا إِذَا أَدْخَلَتْ ذَنَبَهَا فِي الْأَرْضِ وَالْمَعْنَى شُدَّ يَدَكَ عَلَى النَّحْرِ وَزَعَمَ أَنَّ هَذَا الْوَجْه أقرب الْجَمِيع قَالَ بن بَطَّالٍ عَرَضْتُ كَلَامَ الْخَطَّابِيِّ عَلَى بَعْضِ أَهْلِ النَّقْدِ فَقَالَ أَمَّا أَخْذُهُ مِنْ أَرَانَ الْقَوْمَ فَمُعْتَرَضٌ لِأَنَّ أَرَانَ لَا يَتَعَدَّى وَإِنَّمَا يُقَالُ أَرَانَ هُوَ وَلَا يُقَالُ أَرَانَ الرَّجُلُ غَنَمَهُ وَأَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي صَوَّبَهُ فَفِيهِ نَظَرٌ وَكَأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الرِّوَايَةَ لَا تُسَاعِدُهُ وَأَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي جَعَلَهُ أَقْرَبَ الْجَمِيعِ فَهُوَ أَبْعَدُهَا لِعَدَمِ الرِّوَايَةِ بِهِ وَقَالَ عِيَاضٌ ضَبَطَهُ الْأَصِيلِيُّ أَرِنِي فِعْلُ أَمْرٍ مِنَ الرُّؤْيَةِ وَمِثْلُهُ فِي مُسْلِمٍ لَكِنِ الرَّاءَ سَاكِنَةٌ قَالَ وَأَفَادَنِي بَعْضُهُمْ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي مُسْنَدِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَضْبُوطَةً هَكَذَا أَرِنِي أَوِ اعْجَلْ فَكَأَنَّ الرَّاوِيَ شَكَّ فِي أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَالْمَقْصُودُ الذَّبْحُ بِمَا يُسْرِعُ الْقَطْعَ وَيُجْرِي الدَّمَ وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ أَنْ أَرِنْ بِمَعْنَى اعْجَلْ وَأَنَّهُ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَضَبَطَ اعْجَلْ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَبَعْضُهُمْ قَالَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَرْنِي بِسُكُونِ الرَّاءِ وَبَعْدَ النُّونِ يَاءٌ أَيْ أَحْضِرْنِي الْآلَةَ الَّتِي تَذْبَحُ بِهَا لِأَرَاهَا ثُمَّ أَضْرَبَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَوِ اعجل وأو تجي لِلْإِضْرَابِ فَكَأَنَّهُ قَالَ قَدْ لَا يَتَيَسَّرُ إِحْضَارُ الْآلَةِ فَيَتَأَخَّرُ الْبَيَانُ فَعُرِفَ الْحُكْمُ فَقَالَ اعْجَلْ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ إِلَخْ قَالَ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الشَّكِّ وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ اخْتُلِفَ فِي هَذِه ألفظة هَلْ هِيَ بِوَزْنِ أَعْطِ أَوْ بِوَزْنِ أَطِعْ أَوْ هِيَ فِعْلُ أَمْرٍ مِنَ الرُّؤْيَةِ فَعَلَى الْأَوَّلِ الْمَعْنَى أَدِمِ الْحَزَّ مِنْ رَنَوْتَ إِذَا أَدَمْتَ النَّظَرَ وَعَلَى الثَّانِي أَهْلِكْهَا ذَبْحًا مِنْ أَرَانَ الْقَوْمَ إِذَا هَلَكَتْ مَوَاشِيهِمْ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْنَى كُنْ ذَا
الصفحة 639
680