كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 9)
بن عَبَّاسٍ وَقَدْ تَمَسَّكَ بَعْضُهُمْ بِخُصُوصِ هَذَا السَّبَبِ فَقَصَرَ الْجَوَازَ عَلَى الْمَأْكُولِ لِوُرُودِ الْخَبَرِ فِي الشَّاةِ وَيَتَقَوَّى ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ النَّظَرُ بِأَنَّ الدِّبَاغَ لَا يَزِيدُ فِي التَّطْهِيرِ عَلَى الذَّكَاةِ وَغَيْرُ الْمَأْكُولِ لَوْ ذُكِّيَ لَمْ يَطْهُرْ بِالذَّكَاةِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ فَكَذَلِكَ الدِّبَاغُ وَأَجَابَ مَنْ عَمَّمَ بِالتَّمَسُّكِ بِعُمُومِ اللَّفْظِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ خُصُوصِ السَّبَبِ وَبِعُمُومِ الْإِذْنِ بِالْمَنْفَعَةِ وَلِأَنَّ الْحَيَوَانَ طَاهِرٌ يُنْتَفَعُ بِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَكَانَ الدِّبَاغُ بَعْدَ الْمَوْتِ قَائِمًا لَهُ مَقَامَ الْحَيَاةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ مِنَ الْمَيْتَةِ بِشَيْءٍ سَوَاءٌ دُبِغَ الْجِلْدُ أَمْ لَمْ يُدْبَغْ وَتَمَسَّكُوا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَ أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ مَوْتِهِ أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ وَأحمد وَالْأَرْبَعَة وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّافِعِيِّ وَلِأَحْمَدَ وَلِأَبِي دَاوُدَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ قَالَ التِّرْمِذِيُّ كَانَ أَحْمَدُ يَذْهَبُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ هَذَا آخِرُ الْأَمْرِ ثُمَّ تَرَكَهُ لَمَّا اضْطَرَبُوا فِي إِسْنَادِهِ وَكَذَا قَالَ الْخلال نَحوه ورد بن حِبَّانَ عَلَى مَنِ ادَّعَى فِيهِ الِاضْطِرَابَ وَقَالَ سمع بن عُكَيْمٍ الْكِتَابَ يُقْرَأُ وَسَمِعَهُ مِنْ مَشَايِخَ مِنْ جُهَيْنَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا اضْطِرَابَ وَأَعَلَّهُ بَعْضُهُمْ بِالِانْقِطَاعِ وَهُوَ مَرْدُودٌ وَبَعْضُهُمْ بِكَوْنِهِ كِتَابًا وَلَيْسَ بِعِلَّةٍ قَادِحَةٍ وَبَعْضُهُمْ بَان بن أبي ليلى رَاوِيه عَن بن عُكَيْمٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ لِمَا وَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ أَنَّهُ انْطَلَقَ وَنَاسٌ مَعَهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَ فَدَخَلُوا وَقَعَدْتُ عَلَى الْبَابِ فَخَرَجُوا إِلَيَّ فَأَخْبَرُونِي فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ فِي السَّنَدِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ وَلَكِنْ صَحَّ تَصْرِيحُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى بِسَمَاعِهِ من بن عُكَيْمٍ فَلَا أَثَرَ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ أَيْضًا وَأَقْوَى مَا تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ لَمْ يَأْخُذْ بِظَاهِرِهِ مُعَارَضَةُ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ لَهُ وَأَنَّهَا عَنْ سَمَاعٍ وَهَذَا عَنْ كِتَابَةٍ وَأَنَّهَا أَصَحُّ مَخَارِجَ وَأَقْوَى مِنْ ذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِحَمْلِ الْإِهَابِ عَلَى الْجِلْدِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَأَنَّهُ بَعْدَ الدِّبَاغِ لَا يُسَمَّى إِهَابًا إِنَّمَا يُسَمَّى قِرْبَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ وَقَدْ نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ كالنضر بن شُمَيْل وَهَذِه طَريقَة بن شاهين وبن عَبْدِ الْبَرِّ وَالْبَيْهَقِيِّ وَأَبْعَدَ مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ النَّهْيِ عَلَى جِلْدِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ لِكَوْنِهِمَا لَا يُدْبَغَانِ وَكَذَا مَنْ حَمَلَ النَّهْيَ عَلَى بَاطِنِ الْجِلْدِ وَالْإِذْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا مَاتَ كَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ سَنَةٌ وَهُوَ كَلَامٌ بَاطِلٌ فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلًا
[5532] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا خَطَّابُ بْنُ عُثْمَانَ هُوَ الْفَوْزِيُّ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا زَايٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَهُ بِالتَّصْغِيرِ وَهُوَ قُضَاعِيٌّ حِمْصِيٌّ وَكَذَا شَيْخُهُ وَالرَّاوِي عَنْهُ حِمْصِيُّونَ مَا لَهُمْ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ حِمْيَرَ وَلَهُ آخَرُ سَبَقَ فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَمَّا ثَابِتٌ فَوَثَّقَهُ بن مَعِينٍ وَدُحَيْمٌ وَقَالَ أَحْمَدُ أَنَا أَتَوَقَّفُ فِيهِ وسَاق لَهُ بن عدي ثَلَاثَة أَحَادِيث غرائب وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ لَا يُتَابِعُ فِي حَدِيثِهِ وَأَمَّا مُحَمَّدُ بن حمير فوثقه أَيْضا بن مَعِينٍ وَدُحَيْمٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَأما خطاب فوثقه الدَّارَقُطْنِيّ وبن حِبَّانَ لَكِنْ قَالَ رُبَّمَا أَخْطَأَ فَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَجْلِ هَؤُلَاءِ مِنَ الْمُتَابَعَاتِ لَا مِنَ الْأُصُولِ وَالْأَصْلُ فِيهِ الَّذِي قَبْلَهُ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ خُرُوجُ الْحَدِيثِ عَنِ الْغَرَابَةِ وَقَدِ ادَّعَى الْخَطِيبُ تَفَرُّدَ هَؤُلَاءِ الرُّوَاةِ بِهِ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ الْحَرَّانِيِّ حَدَّثَنَا جَدِّي خَطَّابُ بْنُ عُثْمَانَ بِهِ هَذَا حَدِيثٌ عَزِيزٌ ضَيِّقُ الْمَخْرَجِ انْتَهَى وَقَدْ وَجَدْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ حِمْيَرَ فِيهِ مُتَابِعًا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُحَمَّد الصغائي عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَجْلَانَ وَوَجَدْتُ لِخَطَّابٍ فِيهِ مُتَابِعًا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ بَحْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حِمْيَرَ وَلِابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ آخَرُ فِي الْمَعْنَى سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنْهُ عَنْ سَوْدَةَ قَالَتْ مَاتَتْ لَنَا شَاةٌ فَدَبَغْنَا مَسْكَهَا الْحَدِيثَ وَالْمَسْكُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ الْجِلْدُ وَهَذَا غَيْرُ حَدِيثِ الْبَابِ جَزْمًا وَهُوَ مِمَّا يَتَأَيَّدُ بِهِ مَنْ زَادَ ذِكْرَ الدِّبَاغِ فِي الْحَدِيثِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مُطَوَّلًا مِنْ
الصفحة 659
680