كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 9)

طَرِيقِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ مَاتَتْ شَاةٌ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاتَتْ فُلَانَةُ فَقَالَ فَلَوْلَا أَخَذْتُمْ مَسْكَهَا فَقَالَتْ نَأْخُذُ مَسْكَ شَاةٍ قَدْ مَاتَتْ فَقَالَ إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ قُلْ لَا أجد فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا ان يكون ميتَة الْآيَةَ وَإِنَّكُمْ لَا تُطْعِمُونَهُ إِنْ تَدْبُغُوهُ تَنْتَفِعُوا بِهِ قَالَ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهَا فَسَلَخَتْ مَسْكَهَا فَدَبَغَتْهُ فَاتَّخَذَتْ مِنْهُ قِرْبَةً الْحَدِيثَ قَوْلُهُ بِعَنْزٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ بَعْدَهَا زَايٌ هِيَ الْمَاعِزَةُ وَهِيَ الْأُنْثَى مِنَ الْمَعْزِ وَلَا يُنَافِي رِوَايَةَ سِمَاكٍ مَاتَتْ شَاةٌ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهَا شَاةٌ كالضأن

(قَوْلُهُ بَابُ الْمِسْكِ بِكَسْرِ الْمِيمِ)
الطِّيبُ الْمَعْرُوفُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ مُنَاسَبَةُ ذِكْرِهِ فِي الذَّبَائِحِ أَنَّهُ فَضْلَةٌ مِنَ الظَّبْيِ قُلْتُ وَمُنَاسَبَتُهُ لِلْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ جِلْدُ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَ تَطْهَّرَ مِمَّا سَأَذْكُرُهُ قَالَ الْجَاحِظُ هُوَ مِنْ دُوَيْبَةٍ تَكُونُ فِي الصِّينِ تُصَادُ لِنَوَافِجِهَا وَسُرُرِهَا فَإِذَا صِيدَتْ شُدَّتْ بِعَصَائِبَ وَهِيَ مُدْلِيَةٌ يَجْتَمِعُ فِيهَا دَمُهَا فَإِذَا ذُبِحَتْ قُوِّرَتِ السُّرَّةُ الَّتِي عُصِبَتْ وَدُفِنَتْ فِي الشَّعْرِ حَتَّى يَسْتَحِيلَ ذَلِكَ الدَّمُ الْمُخْتَنِقُ الْجَامِدُ مِسْكًا ذَكِيًّا بَعْدَ أَنْ كَانَ لَا يُرَامُ مِنَ النَّتْنِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْقَفَّالُ إِنَّهَا تَنْدَبِغُ بِمَا فِيهَا مِنَ الْمِسْكِ فَتَطْهُرُ كَمَا يَطْهُرُ غَيْرُهَا مِنَ الْمَدْبُوغَاتِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ غَزَالَ الْمِسْكِ كَالظَّبْيِ لَكِنْ لَوْنُهُ أَسْوَدُ وَلَهُ نَابَانِ لَطِيفَانِ أَبْيَضَانِ فِي فَكِّهِ الْأَسْفَلِ وَأَنَّ الْمِسْكَ دَمٌ يَجْتَمِعُ فِي سُرَّتِهِ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ مِنَ السَّنَةِ فَإِذَا اجْتَمَعَ وَرِمَ الْمَوْضِعُ فَمَرِضَ الْغَزَالُ إِلَى أَنْ يَسْقُطَ مِنْهُ وَيُقَالُ إِنَّ أَهْلَ تِلْكَ الْبِلَادِ يَجْعَلُونَ لَهَا أَوْتَادًا فِي الْبَرِّيَّةِ تَحْتَكُّ بِهَا لِيَسْقُطَ وَنَقَلَ بن الصَّلَاحِ فِي مُشْكِلِ الْوَسِيطِ أَنَّ النَّافِجَةَ فِي جَوْفِ الظَّبْيَةِ كَالْإِنْفَحَةِ فِي جَوْفِ الْجَدْيِ وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا تُلْقِيهَا مِنْ جَوْفِهَا كَمَا تُلْقِي الدَّجَاجَةُ الْبَيْضَةَ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهَا تُلْقِيهَا مِنْ سُرَّتِهَا فَتَتَعَلَّقُ بِهَا إِلَى أَنْ تَحْتَكَّ قَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمِسْكَ طَاهِرٌ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَنَقَلَ أَصْحَابُنَا عَنِ الشِّيعَةِ فِيهِ مَذْهَبًا بَاطِلًا وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنَ الْقَاعِدَةِ مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ اه وَحكى بن التِّين عَن بن شَعْبَانَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ فَأْرَةَ الْمِسْكِ إِنَّمَا تُؤْخَذُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ أَوْ بِذَكَاةِ مَنْ لَا تَصِحُّ ذَكَاتُهُ مِنَ الْكَفَرَةِ وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهَا لِأَنَّهَا تَسْتَحِيلُ عَنْ كَوْنِهَا دَمًا حَتَّى تَصِيرَ مِسْكًا كَمَا يَسْتَحِيلُ الدَّمُ إِلَى اللَّحْمِ فَيَطْهُرَ وَيَحِلَّ أَكْلُهُ وَلَيْسَتْ بِحَيَوَانٍ حَتَّى يُقَالَ نَجِسَتْ بِالْمَوْتِ وَإِنَّمَا هِيَ شَيْءٌ يَحْدُثُ بِالْحَيَوَانِ كَالْبِيضِ وَقَدْ أَجْمَعَ

الصفحة 660