كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 9)

ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ فَحَامِلُ الْقُرْآنِ شُبِّهَ بِصَاحِبِ النَّاقَةِ وَالْقُرْآنُ بِالنَّاقَةِ وَالْحِفْظُ بِالرَّبْطِ قَالَ الطِّيبِيُّ لَيْسَ بَيْنَ الْقُرْآنِ وَالنَّاقَةِ مُنَاسَبَةٌ لِأَنَّهُ قَدِيمٌ وَهِيَ حَادِثَةٌ لَكِنْ وَقَعَ التَّشْبِيهُ فِي الْمَعْنَى وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْحَضُّ عَلَى مُحَافَظَةِ الْقُرْآنِ بِدَوَامِ دِرَاسَتِهِ وَتَكْرَارِ تِلَاوَتِهِ وَضَرْبِ الْأَمْثَالِ لِإِيضَاحِ الْمَقَاصِدِ وَفِي الْأَخِيرِ الْقَسَمُ عِنْدَ الْخَبَرِ الْمَقْطُوعِ بِصِدْقِهِ مُبَالَغَةً فِي تَثْبِيتِهِ فِي صُدُورِ سَامِعِيهِ وَحَكَى بن التِّين عَن الدَّاودِيّ أَن فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ حُجَّةً لِمَنْ قَالَ فِيمَنِ ادُّعِيَ عَلَيْهِ بِمَالٍ فَأَنْكَرَ وَحَلَفَ ثُمَّ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَقَالَ كُنْتُ نَسِيتُ أَوِ ادَّعَى بَيِّنَةً أَوْ إِبْرَاءً أَوِ الْتَمَسَ يَمِينَ الْمُدَّعِي أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَهُ وَيُعْذَرُ فِي ذَلِكَ كَذَا قَالَ

(قَوْلُهُ بَابُ الْقِرَاءَةِ عَلَى الدَّابَّةِ)
أَيْ لِرَاكِبِهَا وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ كَرِهَ ذَلِك وَقد نَقله بن أَبِي دَاوُدَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ وَتَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْحمام وَغَيرهَا وَقَالَ بن بَطَّالٍ إِنَّمَا أَرَادَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ أَنَّ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الدَّابَّةِ سُنَّةً مَوْجُودَةً وَأَصْلُ هَذِهِ السُّنَّةِ قَوْلُهُ تَعَالَى لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ الْآيَةَ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ مُخْتَصَرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ بِتَمَامِهِ فِي تَفْسِير سُورَة الْفَتْح وَيَأْتِي بعد أَبْوَاب قَوْلُهُ بَابُ تَعْلِيمِ الصِّبْيَانِ الْقُرْآنَ كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ وَقَدْ جَاءَتْ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ واسنده بن أَبِي دَاوُدَ عَنْهُمَا وَلَفْظُ إِبْرَاهِيمَ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُعَلِّمُوا الْغُلَامَ الْقُرْآنَ حَتَّى يَعْقِلَ وَكَلَامُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَرَاهَةَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ حُصُولِ الْمَلَالِ لَهُ وَلَفْظُهُ عِنْد بن أَبِي دَاوُدَ أَيْضًا كَانُوا يُحِبُّونَ أَنْ يَكُونَ يَقْرَأُ الصَّبِيُّ بَعْدَ حِينٍ وَأَخْرَجَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ قَدَّمَ غُلَامًا صَغِيرًا فَعَابُوا عَلَيْهِ فَقَالَ مَا قَدَّمْتُهُ وَلَكِنْ قَدَّمَهُ الْقُرْآنُ وَحُجَّةُ مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَدْعَى إِلَى ثُبُوتِهِ وَرُسُوخِهِ عِنْدَهُ كَمَا يُقَالُ التَّعَلُّمُ فِي الصِّغَرِ كَالنَّقْشِ فِي الْحَجَرِ وَكَلَامُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُتْرَكَ الصَّبِيُّ أَوَّلًا مُرَفَّهًا ثُمَّ

الصفحة 83