كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 9)

فعلت هذا! ويجوز أن يكون التكرير لكونه وصفه في كل آية بزيادة ما وصفه به في الآية الأخرى، وقيل الآية الأولى واردة في المقلَّدين اسم فاعل، والثانية في المقلِّدين اسم مفعول، ذكره الزمخشري وقال وهو أوفق وأظهر بالمقام انتهى.
ولا وجه لهذا كما أنه لا وجه لقول من قال إن الآية الأولى خاصة بإضلال المتبوعين لتابعيهم، والثانية عامة في كل إضلال وجدال.
(ثاني عطفه) حال أي لاوي عنقه، قاله قتادة، وعن ابن عباس والسدي وابن زيد وابن جريج أنه المعرض والعطف الجانب وعطفا الرجل جانباه من يمين وشمال، وفي تفسيره وجهان:
الأول: إن المراد به من يلوي عنقه مرحاً وكبراً ذكر معناه الزجاج قال: وهذا يوصف به المتكبر، قال ابن عباس: أي مستكبراً في نفسه، وقال المبرّد: العطف من انثنى من العنق.
الوجه الثاني: أنّ المراد بقوله: (ثاني عطفه) الإعراض أي معرضاً عن الذكر كذا قال الفرّاء والمفضّل وغيرهما كقوله تعالى: (ولّى مستكبراً كأن لم يسمعها) وقوله: (لووا رؤوسهم) وقوله: (أعرض ونأى بجانبه) وقيل المعنى مانع تعطفه إلى غيره.
(ليضل عن سبيل الله) أي ليستمر أو ليزيد ضلاله، وإن ضلاله كالغرض له لكونه مآله، قرئ ليضل بفتح الياء وضمها والسبيل هنا الدين، يعني أن غرضه هو الإضلال عن السبيل وإن لم يعترف بذلك، وقيل هي لام العاقبة كأنه جعل ضلاله عائداً لجداله (له في الدنيا خزي) مستأنفة مبينة لما يحصل له بسبب جداله من العقوبة والخزي والذل، وذلك بما يناله من العقوبة

الصفحة 19