كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 9)

وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (16) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18)
(وكذلك) أي مثل ذلك الإنزال البديع من الآيات السابقة (أنزلناه) أي القرآن (آيات بينات) واضحات ظاهرة الدلالة على مدلولاتها (وأن الله يهدي من يريد) هدايته ابتداء أو زيادة فيها لمن كان مهدياً من قبل، ويضل من يريد ضلالته معطوف على هاء (أنزلناه) فـ " إن " وصلتها في محل نصب، ويصح أن تكون في موضع رفع خبر المبتدأ مضمر؛ أي والأمر أن الله الخ.
(إنّ الذين آمنوا) بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم أو بما ذكر من الآيات البينات (والذين هادوا) هم اليهود المنتسبون إلى ملة موسى (والصابئين) هم قوم يعبدون النجوم؛ وقيل هم من جنس النصارى وليس ذلك بصحيح بل هم فرقة معروفة لا ترجع إلى ملة من الملل المنتسبة إلى الأنبياء (والنصارى) هم المنتسبون إلى ملة عيسى (والمجوس) هم الذين يعبدون النار ويقولون إن للعالم أصلين النور والظلمة.
وقيل هم قوم يعبدون الشمس والقمر، وقيل هم يستعملون النجاسات. وقيل هم قوم من النصارى اعتزلوهم ولبسوا المسوح، وقيل إنهم أخذوا بعض دين اليهود وبعض دين النصارى.

الصفحة 25