المضروب أي تذلُله، قال ابن السكيت: يقال: أقمعت الرجل عني إقماعاً إذا طلع عليك فرددته عنك، والمعنى لهم مقامع كائنة.
(من حديد) يضربون بها، أخرج أحمد وأبو يعلى والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لو أن مقمعاً من حديد وضع في الأرض فاجتمع الثقلان ما أقلوه من الأرض، ولو ضرب الجبل بمقمع من حديد لتفتت ثم عاد كما كان " (¬1).
¬_________
(¬1) المستدرك، كتاب الأهوال 4/ 608.
(كلما أرادوا) الإرادة هنا مجاز عن القرب (إن يخرجوا منها) أي من النار (من) أجل (غم) شديد من ضموم النار يأخذ بأنفاسهم وهو بدل اشتمال من منها بإعادة الجار أو الأولى لابتداء الغاية، والثانية بمعنى من أجل أي من أجل غم يلحقهم فخرجوا.
(أعيدوا فيها) أي ردوا إليها بالضرب بالمقامع، وهي الجرز من الحديد؛ والمراد إعادتهم إلى معظم النار لا أنهم ينفصلون عنها بالكلية ثم يعودون إليها، عن سلمان قال: النار سوداء مظلمة لا يضيء لهبها ولا جمرها، ثم قرأ. كلما أرادوا الآية (و) قيل لهم (ذوقوا عذاب الحريق) أي المحرق الغليظ المنتشر العظيم الإهلاك البالغ نهاية الإحراق وأصل الحريق الاسم من الاحتراق تحرق الشيء بالنار واحترق حرقة واحتراقاً، والذوق مماسة يحصل معها إدراك الطعم، وهو هنا توسع، والمراد به إدراك الألم، قال الزجاج: وهذا لأحد الخصمين، وقال في الخصم الآخر وهم المؤمنون.
(إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار) ثم بين بعض ما أعده لهم من النعيم بعد دخولهم الجنة فقال: (يُحَلَّوْنَ فيها) بالتشديد والبناء للمفعول، وقرئ مخففاً أي يحليهم الله أو الملائكة بأمره (من) للتبعيض أي يحلون بعض (أساور) للبيان أو زائدة، وهي جمع أسورة، والأسورة جمع سوار، وفيه لغتان كسر السين وضمها، وفيه لغة ثالثة وهي أسوار.