كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 9)

النَّوَوِيُّ هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْحَاءِ وَمَعْنَاهُ الذُّنُوبُ الْعِظَامُ الْكَبَائِرُ الَّتِي تُهْلِكُ أَصْحَابَهَا وَتُورِدُهُمُ النَّارَ وَتُقْحِمُهُمْ إِيَّاهَا وَتُقْحِمُ الْوُقُوعَ فِي الْمَهَالِكِ وَمَعْنَى الْكَلَامِ مَنْ مَاتَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ غَيْرَ مُشْرِكٍ بِاللَّهِ غُفِرَ لَهُ الْمُقْحِمَاتُ
وَالْمُرَادُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِغُفْرَانِهَا أَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ بِخِلَافِ الْمُشْرِكِينَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُعَذَّبُ أَصْلًا
فَقَدْ تَقَرَّرَتْ نُصُوصُ الشَّرْعِ وَإِجْمَاعُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى إِثْبَاتِ بَعْضِ الْعُصَاةِ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا خُصُوصًا مِنَ الْأُمَّةِ أَنْ يُغْفَرَ لِبَعْضِ الْأُمَّةِ الْمُقْحِمَاتُ وَهَذَا يَظْهَرُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ إِنَّ لَفْظَةَ مَنْ لَا تَقْتَضِي الْعُمُومَ مُطْلَقًا وَعَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ لَا تَقْتَضِيهِ فِي الْإِخْبَارِ وَإِنِ اقْتَضَتْهُ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ وَهُوَ كَوْنُهَا لِلْعُمُومِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ قَدْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى إِرَادَةِ الْخُصُوصِ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ النُّصُوصِ وَالْإِجْمَاعِ انْتَهَى (قَالَ السِّدْرَةُ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ كَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ السَّادِسَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الرِّوَايَاتِ الْأُخَرِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهَا فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ
قَالَ الْقَاضِي كَوْنُهَا فِي السَّابِعَةِ هُوَ الْأَصَحُّ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَعْنَى وَتَسْمِيَتُهَا بِالْمُنْتَهَى
قَالَ النَّوَوِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا فَيَكُونَ أَصْلُهَا فِي السَّادِسَةِ وَمُعْظَمُهَا فِي السَّابِعَةِ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهَا فِي نِهَايَةٍ مِنَ الْعِظَمِ (قَالَ سُفْيَانُ) أَيْ فِي بَيَانِ مَا يَغْشَى (فَرَاشٌ) بِفَتْحِ الْفَاءِ الطَّيْرُ الَّذِي يُلْقِي نَفْسَهُ فِي ضَوْءِ السِّرَاجِ وَاحِدَتُهَا فَرَاشَةٌ (فَأَرْعَدَهَا) أَيْ حَرَّكَهَا لَعَلَّهُ حَكَى تَحَرُّكَ الْفَرَاشِ واضطرابها
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
[3277] قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ) هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَوْلُهُ فَكَانَ أَيْ جَبْرَائِيلُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَابَ أي قدر قوسين أو أدنى أَيْ أَقْرَبَ مِنْ ذَلِكَ
زَادَ الْبُخَارِيُّ فِي رواية فأوحى إلى عبده ما أوحى (فقال) أي ذر بْنُ حُبَيْشٍ (رَأَى جَبْرَائِيلَ) أَيْ فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِالْأَرْضِ فِي الْأُفُقِ الْأَعْلَى
وَمَرَّةً فِي السَّمَاءِ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى

الصفحة 117