كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 9)

[3300] قَوْلُهُ (عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلْقَمَةَ الْأَنْمَارِيِّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ الْكُوفِيِّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ روى عن علي وبن مسعود وعنه سالم بن الجعد
قال بن الْمَدِينِيِّ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُهُ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ في حديثه نظر وذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ لَهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ
قال الحافظ وقال بن عَدِيٍّ مَا أَرَى بِحَدِيثِهِ بَأْسًا وَلَيْسَ لَهُ عَنْ عَلِيٍّ غَيْرُهُ إِلَّا الْيَسِيرَ وَذَكَرَهُ الْعُقَيْلِيُّ وبن الْجَارُودِ فِي الضُّعَفَاءِ تَبَعًا لِلْبُخَارِيِّ عَلَى الْعَادَةِ
قَوْلُهُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة أَيْ إِذَا أَرَدْتُمْ مُنَاجَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدِّمُوا أَمَامَ ذَلِكَ صَدَقَةً وَفَائِدَةُ ذَلِكَ إِعْظَامُ مُنَاجَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ الْإِنْسَانَ إِذَا وَجَدَ الشَّيْءَ بِمَشَقَّةٍ اسْتَعْظَمَهُ وَإِنْ وَجَدَهُ بِسُهُولَةٍ اسْتَحْقَرَهُ ونفع كثير مِنَ الْفُقَرَاءِ بِتِلْكَ الصَّدَقَةِ الْمُقَدَّمَةِ قَبْلَ الْمُنَاجَاةِ
قال بن عَبَّاسٍ إِنَّ النَّاسَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكْثَرُوا حَتَّى شَقَّ عَلَيْهِ فَأَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُخَفِّفَ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُثَبِّطَهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُقَدِّمُوا صَدَقَةً عَلَى مُنَاجَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيلَ نَزَلَتْ فِي الْأَغْنِيَاءِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْتُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُكْثِرُونَ مُنَاجَاتَهُ وَيَغْلِبُونَ الْفُقَرَاءَ عَلَى الْمَجَالِسِ حَتَّى كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طُولَ جُلُوسِهِمْ وَمُنَاجَاتَهُمْ فَلَمَّا أُمِرُوا بِالصَّدَقَةِ كَفُّوا عَنْ مُنَاجَاتِهِ فَأَمَّا الْفُقَرَاءُ وَأَهْلُ الْعُسْرَةِ فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا وَأَمَّا الْأَغْنِيَاءُ وَأَهْلُ الْمَيْسَرَةِ فَضَنُّوا
وَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتِ الرُّخْصَةُ وَبَعْدَهُ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ يَعْنِي تَقْدِيمَ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمُنَاجَاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَأَطْهَرُ أَيْ لذنوبكم فإن لم تجدوا يَعْنِي الْفُقَرَاءَ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يَتَصَدَّقُونَ به فإن الله غفور أَيْ لِمُنَاجَاتِكُمْ رَحِيمٌ أَيْ بِكُمْ فَلَا عَلَيْكُمْ فِي الْمُنَاجَاةِ مِنْ غَيْرِ صَدَقَةٍ (مَا تَرَى) أَيْ فِي مِقْدَارِ الصَّدَقَةِ الَّتِي تُقَدَّمُ بَيْنَ يَدَيِ النَّجْوَى (دِينَارٌ) أَيْ هَلْ يُقَدَّمُ قَبْلَ النَّجْوَى دِينَارٌ (قُلْتُ شَعِيرَةً) أَيْ تُقَدِّمُ قَبْلَ النَّجْوَى شَعِيرَةً وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ ذَهَبٍ كَمَا فَسَّرَهَا التِّرْمِذِيُّ بِهِ (إِنَّكَ) أَيْ يَا عَلِيُّ (لَزَهِيدٌ) أَيْ قَلِيلُ الْمَالِ قدرت على حَالِكَ (قَالَ) أَيْ عَلِيٌّ (فَنَزَلَتْ أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تقدموا بين يدي نجواكم صدقات) أَيْ أَخِفْتُمْ تَقْدِيمَ الصَّدَقَاتِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِنْفَاقِ الَّذِي تَكْرَهُونَهُ وَقِيلَ أَيْ أَخِفْتُمُ الْفَقْرَ وَالْعَيْلَةَ لِأَنْ تُقَدِّمُوا ذَلِكَ وَالْإِشْفَاقُ الْخَوْفُ مِنَ الْمَكْرُوهِ وَالِاسْتِفْهَامُ لِلتَّقْرِيرِ (الْآيَةَ) بِالنَّصْبِ أَيْ أَتَمَّ الاية وبقيتها مع تفسيرها هكذا فإذا لم تفعلوا أَيْ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ مِنْ تَقْدِيمِ الصَّدَقَةِ وتاب الله عليكم أي تجاوز عنكم

الصفحة 137