كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 9)

يَأْخُذْنَ بِيَدِهِ عِنْدَ الْمُبَايَعَةِ مِنْ فَوْقِ ثَوْبٍ
أَخْرَجَهُ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ الشَّعْبِيِّ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
[3307] قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّيْبَانِيُّ) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ السَّابِعَةِ
قَوْلُهُ (مَا هَذَا الْمَعْرُوفُ) أَيِ الَّذِي وَقَعَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا يَعْصِينَكَ في معروف (الَّذِي لَا يَنْبَغِي لَنَا) أَيْ لَا يَجُوزُ لَنَا (أَنْ نَعْصِيَكَ فِيهِ) أَيْ فِي هَذَا الْمَعْرُوفِ (قَالَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَنُحْنَ مِنَ النَّوْحِ وَهُوَ الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ وَتَعْدِيدُ مَحَاسِنِهِ وَقِيلَ النَّوْحُ بُكَاءٌ مَعَ الصَّوْتِ وَمِنْهُ نَاحَ الْحَمَامُ نَوْحًا (قَدْ أَسْعَدُونِي عَلَى عَمِّي) مِنَ الْإِسْعَادِ وَهُوَ إسعاد النساء في المناحاة تَقُومُ الْمَرْأَةُ فَتَقُومُ مَعَهَا أُخْرَى مِنْ جَارَاتِهَا فَتُسَاعِدُهَا عَلَى النِّيَاحَةِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْإِسْعَادُ خَاصٌّ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَأَمَّا الْمُسَاعَدَةُ فَعَامَّةٌ فِي كُلِّ مَعُونَةٍ (وَلَا بُدَّ لِي مِنْ قَضَائِهِمْ) أَيْ مِنْ أَنْ أَجْزِيَهُمْ (فَأَبَى) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ لَمْ يَأْذَنْ لِي فِي قَضَائِهِمْ (فَعَاتَبْتُهُ) أَيْ رَاجَعْتُهُ وَعَاوَدْتُهُ (فَأَذِنَ لِي فِي قَضَائِهِنَّ) فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِأُمِّ سَلِمَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ فِي إِسْعَادِهِنَّ وَكَذَلِكَ رَخَّصَ أَيْضًا لِأُمِّ عَطِيَّةَ كَمَا فِي حَدِيثِهَا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَلَفْظُ مُسْلِمٍ قَالَتْ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا ولا يعصينك في معروف قَالَتْ كَانَ مِنْهُ النِّيَاحَةُ قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا آلَ فُلَانٍ فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَسْعَدُونِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَا بُدَّ لِي أَنْ أُسْعِدَهُمْ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا آلَ فُلَانٍ
قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى التَّرْخِيصِ لِأُمِّ عَطِيَّةَ فِي آلِ فُلَانٍ خَاصَّةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا تَحِلُّ النِّيَاحَةُ لِغَيْرِهَا وَلَا لَهَا فِي غَيْرِ آلِ فُلَانٍ كَمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْحَدِيثِ وَلِلشَّارِعِ أَنْ يَخُصَّ مِنَ الْعُمُومِ مَا شَاءَ فَهَذَا صَوَابُ الْحُكْمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ
وَاسْتَشْكَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالُوا فِيهِ أَقْوَالًا عَجِيبَةً وَمَقْصُودِي التَّحْذِيرُ من الابترار بِهَا حَتَّى إِنَّ بَعْضَ الْمَالِكِيَّةِ قَالَ النِّيَاحَةُ ليست بحرام بها الْحَدِيثِ وَقَصْدِ نِسَاءِ جَعْفَرٍ
قَالَ وَإِنَّمَا الْمُحَرَّمُ مَا كَانَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ كَشَقِّ الْجُيُوبِ وَخَمْشِ الْخُدُودِ وَدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا وَأَنَّ النِّيَاحَةَ حَرَامٌ مُطْلَقًا وَهُوَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً وَلَيْسَ فِيمَا قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ دَلِيلٌ صَحِيحٌ لِمَا ذَكَرَهُ انْتَهَى قلت دعوى تحصيص التَّرْخِيصِ بِأُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَقَدْ رَخَّصَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ سَلِمَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ كَمَا فِي حديثها هذا وأخرج بن مردويه من حديث بن عَبَّاسٍ
قَالَ لَمَّا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النِّسَاءِ فَبَايَعَهُنَّ أَنْ

الصفحة 145