كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 9)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تفعلون هَذَا إِنْكَارٌ عَلَى مَنْ يَعِدُ وَعْدًا أَوْ يَقُولُ قَوْلًا لَا يَفِي بِهِ وَلِهَذَا اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مَنْ ذَهَبَ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ عَزْمُ الْمَوْعُودِ أَمْ لَا وَذَهَبَ الْإِمَامُ مَالِكٌ إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَعَلَّقَ بِالْوَعْدِ عَزْمٌ عَلَى الْمَوْعُودِ وَجَبَ الْوَفَاءُ بِهِ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ مُطْلَقًا وَحَمَلُوا الْآيَةَ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ حِينَ تَمَنَّوْا فَرِيضَةَ الْجِهَادِ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا فُرِضَ نَكَلَ عَنْهُ بعضهم
عن بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ نَاسٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ الْجِهَادُ يَقُولُونَ لَوَدِدْنَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ دَلَّنَا عَلَى أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَيْهِ فَنَعْمَلَ بِهِ فَأَخْبَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِيمَانٌ بِهِ لَا شَكَّ فِيهِ وَجِهَادُ أهل معصيته الذين خالفوا الإيمان ولم يُقِرُّوا بِهِ فَلَمَّا نَزَلَ الْجِهَادُ كَرِهَ ذَلِكَ نَاسٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَشَقَّ عَلَيْهِمْ أَمْرُهُ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون وهذا اختيار بن جرير
هذا تلخيص ما ذكره الحافظ بن كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقِيلَ أُنْزِلَتْ فِي شَأْنِ الْقِتَالِ يَقُولُ الرَّجُلُ قَاتَلْتُ وَلَمْ يُقَاتِلْ وَطَعَنْتُ وَلَمْ يَطْعَنْ وَضَرَبْتُ وَلَمْ يَضْرِبْ وَصَبَرْتُ وَلَمْ يَصْبِرْ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ
قَوْلُهُ (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال أبو سلمة فقرأها علينا بن سَلَامٍ إِلَخْ) حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ هَذَا يُسَمَّى بِالْمُسَلْسَلِ بِقِرَاءَةِ سُورَةِ الصَّفِّ قَالَ فِي الْمِنَحِ هَذَا صَحِيحٌ مُتَّصِلُ الْإِسْنَادِ وَالتَّسَلْسُلِ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَهُوَ أَصَحُّ مُسَلْسَلٍ رُوِيَ فِي الدُّنْيَا انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الصَّفِّ وَقَدْ وَقَعَ لَنَا سَمَاعُ هَذِهِ السُّورَةِ مُسَلْسَلًا فِي حَدِيثٍ ذُكِرَ فِي أَوَّلِهِ سَبَبُ نُزُولِهَا وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ قَلَّ أَنْ وَقَعَ فِي الْمُسَلْسَلَاتِ مِثْلُهُ مَعَ مَزِيدِ عُلُوِّهِ
قَوْلُهُ (وَقَدْ خُولِفَ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ فِي إسناد هذا الحديث عن الأوزاعي فروى بن الْمُبَارَكِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الخ) قال الحافظ بن كَثِيرٍ وَهَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ مَعْمَرٍ عن بن الْمُبَارَكِ بِهِ (وَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ نَحْوَ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ كثير) قال الحافظ بن كَثِيرٍ وَكَذَا رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الأوزاعي كما رواه بن كَثِيرٍ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ هَذَا أخرجه أيضا أحمد وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ
وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَأَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ وَالسُّنَنِ
2 - باب وَمِنَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ إِحْدَى عَشْرَةَ اية [3310] قوله وآخرين منهم

الصفحة 147