كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 9)

مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى الْأُمِّيِّينَ أَيْ بَعَثَهُ فِي الْأُمِّيِّينَ الَّذِينَ عَلَى عَهْدِهِ وَبَعَثَهُ فِي آخَرِينَ مِنْهُمْ أَوْ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِي يُعَلِّمُهُمْ أَيْ وَيُعَلِّمُ آخَرِينَ وَكُلُّ مَنْ يَعْلَمُ شَرِيعَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ فَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَلِّمُهُ بِالْقُوَّةِ لِأَنَّهُ أَصْلُ ذَلِكَ الْخَيْرِ الْعَظِيمِ وَالْفَضْلِ الْجَسِيمِ أَوْ عَطْفًا عَلَى مَفْعُولِ يُزَكِّيهِمْ أَيْ يُزَكِّيهِمْ وَيُزَكِّي آخَرِينَ وَالْمُرَادُ بِالْآخَرِينَ مَنْ جَاءَ بَعْدَ الصَّحَابَةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِمْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ وَقَالَ عِكْرِمَةُ هُمُ التَّابِعُونَ وَقَالَ مجاهد الناس كلهم
وكذا قال بن زيد والسدي لما يلحقوا بها أَيْ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَسَيَلْحَقُونَ بِهِمْ مِنْ بَعْدُ وَقِيلَ فِي السَّبْقِ إِلَى الْإِسْلَامِ وَالشَّرَفِ وَالدَّرَجَةِ وَهَذَا النَّفْيُ مُسْتَمِرٌّ دَائِمًا لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَا يَلْحَقُهُمْ وَلَا يُسَاوِيهِمْ فِي شَأْنِهِمْ أَحَدٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَلَا مِمَّنْ بَعْدَهُمْ
فَالْمَنْفِيُّ هُنَا غَيْرُ مُتَوَقَّعِ الْحُصُولِ وَلِذَلِكَ لِمَا وَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ لَمَّا تَنْفِي مَا هُوَ مُتَوَقَّعُ الْحُصُولِ وَالْمَنْفِيُّ هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَسَّرَهَا الْمَحَلِّيُّ بِلَمِ الَّتِي مَنْفِيُّهَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُتَوَقَّعَ الْحُصُولِ أَوَّلًا فَلَمَّا هُنَا لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا وَالضَّمِيرُ في بهم ومنهم رَاجِعٌ إِلَى الْأُمِّيِّينَ وَهَذَا يُؤَيِّدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآخَرِينَ هُمْ مَنْ يَأْتِي بَعْدَ الصَّحَابَةِ مِنَ الْعَرَبِ خَاصَّةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا إِلَى جميع الثقلين فتخصيص العرب هنا القصد الِامْتِنَانِ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي عُمُومَ الرِّسَالَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْآخَرِينَ الْعَجَمُ لِأَنَّهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنَ الْعَرَبِ فَقَدْ صَارُوا بِالْإِسْلَامِ مِثْلَهُمْ وَالْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهُمْ (فَلَمْ يُكَلِّمْهُ) أَيْ سَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُجِبْهُ
وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ حَتَّى سَأَلَ ثَلَاثًا (وَسَلْمَانُ فِينَا) أَيْ كَانَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ مَوْجُودًا فِينَا لَوْ كَانَ

الصفحة 148