كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 9)

نشرك أي بعد اليوم قل يامحمد لِلنَّاسِ أُوحِيَ إِلَيَّ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْبِرَ قَوْمَهُ بِوَاقِعَةِ الْجِنِّ وَيُظْهِرَهَا لَهُمْ لِيَعْرِفُوا بِذَلِكَ وَأَنَّكَ مَبْعُوثٌ إِلَى الْجِنِّ كَالْإِنْسِ وَلِتَعْلَمَ قُرَيْشٌ أَنَّ الْجِنَّ مَعَ تَمَرُّدِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ وَعَرَفُوا إِعْجَازَهُ آمَنُوا بِهِ وَالْمَعْنَى أُخْبِرْتُ بِالْوَحْيِ مِنَ اللَّهِ أنه الضمير للشأن استمع أي لقراءئي (وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ) أَيْ لِقَوْلِهِمْ إنا سمعنا الخ وهذا كلام بن عَبَّاسٍ كَأَنَّهُ تَقَرَّرَ فِيهِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَوَّلًا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْتَمِعْ بِهِمْ وَإِنَّمَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ بِأَنَّهُمُ اسْتَمَعُوا وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالوا أنصتوا الْآيَةَ وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِ اجتماعه بهم حين استمعوا أن لا يكون اجتمع بهم بعد ذلك وحديث بن عَبَّاسٍ هَذَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لبدا بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْبَاءِ جَمْعُ لِبْدَةٍ بِكَسْرٍ ثُمَّ سُكُونٍ نَحْوَ قِرْبَةٍ وَقِرَبٍ وَاللِّبْدَةُ وَاللِّبَدُ الشَّيْءُ الْمُلَبَّدُ أَيِ الْمُتَرَاكِمُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وبه سمي اللبد الذي يفرش لتراكم صرفه (قال) أي بن عَبَّاسٍ (لَمَّا رَأَوْهُ يُصَلِّي) أَيْ بِسَبَبِ أَنْ رَأَى الْجِنُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَالَ كَوْنِهِ يُصَلِّي (تَعَجَّبُوا مِنْ طَوَاعِيَةِ أَصْحَابِهِ لَهُ) أَيْ مِنَ انْقِيَادِهِمْ لَهُ وَالطَّوَاعِيَةُ الطَّاعَةُ لما قام عبد الله أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوهُ أَيْ يُصَلِّي وَيَتْلُو الْقُرْآنَ كَادُوا يَكُونُونَ أَيْ أَصْحَابُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ لِبَدًا أي مجتمعين عليه
وحديث بن عَبَّاسٍ هَذَا أَخْرَجَهُ أَيْضًا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ والحاكم وبن جرير في تفسيره
وروي عن بن عَبَّاسٍ قَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ مَا رَوَى الْعَوْفِيُّ عَنْهُ يَقُولُ لَمَّا سَمِعُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْلُو الْقُرْآنَ كَادُوا يَرْكَبُونَهُ مِنَ الْحِرْصِ لَمَّا سَمِعُوهُ يَتْلُو الْقُرْآنَ وَدَنَوْا مِنْهُ فَلَمْ يَعْلَمْ بِهِمْ حَتَّى أَتَاهُ الرَّسُولُ يُقْرِئُهُ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجن يستمعون القرآن
أخرجه بن جرير وبن مَرْدَوَيْهِ
[3324] قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى) الظَّاهِرُ أَنَّهُ الْإِمَامُ الذُّهْلِيُّ (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ) الضبي

الصفحة 170