كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 9)

شَرْحِهِ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي قَوْلِهِ مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جوفه قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ضُرِبَ لَهُ مَثَلٌ يَقُولُ لَيْسَ بن رَجُلٍ آخَرَ ابْنَكَ وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وبن زَيْدٍ إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهَذَا يُوَافِقُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ التَّفْسِيرِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وبن جرير وبن أَبِي حَاتِمٍ
[3200] قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ) هُوَ الْمَعْرُوفُ بمردويه (أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةَ) الْقَيْسِيُّ مَوْلَاهُمُ الْبَصْرِيُّ أَبُو سَعِيدٍ ثِقَةٌ
قَوْلُهُ (قَالَ قَالَ) أَيْ قَالَ ثَابِتٌ قَالَ أَنَسٌ (عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا وَقَوْلُهُ سُمِّيتُ بِهِ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ (فَكَبُرَ عَلَيْهِ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَشَقَّ عَلَيْهِ (أَوَّلُ مَشْهَدٍ) أَيْ لِأَنَّ بدرا أول غزوة خرج فيها النبي بِنَفْسِهِ مُقَاتِلًا وَقَدْ تَقَدَّمَهَا غَيْرُهَا لَكِنْ مَا خرج فيها بِنَفْسِهِ مُقَاتِلًا (أَمَا) بِالتَّخْفِيفِ لِلتَّنْبِيهِ (وَاللَّهِ لَئِنْ أَرَانِي اللَّهُ مَشْهَدًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ لَئِنِ اللَّهُ أَشْهَدَنِي قِتَالًا لِلْمُشْرِكِينَ (لَيَرَيَنَّ اللَّهُ) قَالَ النَّوَوِيُّ ضَبَطُوهُ بِوَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا لَيَرَيَنَّ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالرَّاءِ أَيْ يَرَاهُ اللَّهُ وَاقِعًا بَارِزًا وَالثَّانِي لَيُرِيَنَّ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَمَعْنَاهُ لَيُرِيَنَّ اللَّهُ النَّاسَ مَا أَصْنَعُهُ وَيُبْرِزُهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ (مَا أَصْنَعُ) مَفْعُولٌ لِقَوْلِهِ لَيَرَيَنَّ وَمُرَادُهُ أَنْ يُبَالِغَ فِي الْقِتَالِ وَلَوْ زَهَقَتْ رُوحُهُ (قَالَ) أَيْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ (فَهَابَ) أَيْ خَشِيَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ (أَنْ يَقُولَ غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْأَدَبِ مِنْهُ وَالْخَوْفِ لِئَلَّا يَعْرِضَ لَهُ عَارِضٌ فَلَا يَفِيَ بِمَا يَقُولُ فَيَصِيرَ كَمَنْ وَعَدَ فَأَخْلَفَ (فَقَالَ) أَيْ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ (يَا أَبَا عَمْرٍو) هُوَ كُنْيَةُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ (أَيْنَ) أَيْ أَيْنَ تَذْهَبُ (قَالَ) أَيْ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ ابْتَدَأَ فِي كَلَامِهِ وَلَمْ يَنْتَظِرْ جوابه لغلبته اشْتِيَاقِهِ إِلَى إِيفَاءِ مِيثَاقِهِ وَعَهْدِهِ بِرَبِّهِ بِقَوْلِهِ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ (وَاهًا لِرِيحِ الْجَنَّةِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَاهًا لَهُ وَيُتْرَكُ تَنْوِينُهُ كَلِمَةُ تَعَجُّبٍ مِنْ طِيبِ شَيْءٍ وَكَلِمَةُ تَلَهُّفٍ انْتَهَى وَالْمُرَادُ هُنَا هُوَ الْأَوَّلُ أَجِدُهَا دُونَ أُحُدٍ أَيْ عِنْدَ أَحَدٍ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي الْمَغَازِي فَقَالَ أَيْنَ يَا سَعْدُ إِنِّي أَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ
قَالَ الْحَافِظُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى الْحَقِيقَةِ بِأَنْ يَكُونَ شَمَّ رَائِحَةً طَيِّبَةً زَائِدَةً عَمَّا يَعْهَدُ فَعَرَفَ أَنَّهَا رِيحَ الْجَنَّةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَطْلَقَ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْيَقِينِ حَتَّى كَأَنَّ الْغَائِبَ عَنْهُ صَارَ مَحْسُوسًا عِنْدَهُ والمعنى أن الموضع الذي أقاتل فيه يؤول بِصَاحِبِهِ إِلَى الْجَنَّةِ (إِلَّا بِبَنَانِهِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالنُّونِ جَمْعُ بَنَانَةٍ وَهِيَ الْأُصْبُعُ وَقِيلَ طَرَفُهَا رجال صدقوا ما عاهدوا (

الصفحة 44