كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 9)

هُوَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ (فأعتقته) وكان من سبي الجاهلية اشتراه رسول الله فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَعْتَقَهُ وَتَبَنَّاهُ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ أَيْ لَا تُطَلِّقْ زَوْجَكَ هِيَ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ابْنَةُ عَمَّةِ رَسُولِ الله وَأُمُّهَا أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَاتَّقِ اللَّهَ أي في أمر طلاقها (وتخفى الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّكَ تُخْفِي فِي نفسك ما الله مبديه أَيْ مُظْهِرُهُ وَهُوَ نِكَاحُهَا إِنْ طَلَّقَهَا زَيْدٌ وَقِيلَ حُبُّهَا وَالصَّحِيحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ عِنْدِي هُوَ الأول وتخشى الناس أَيْ تَخَافُ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ تَزَوَّجَ مُحَمَّدٌ زوجة ابنه والله أحق أن تخشاه أي في كل شيء وتزوجكها وَلَا عَلَيْكَ مِنْ قَوْلِ النَّاسِ وَبَعْدَ هَذَا فلما قضى زيد منها وطرا أَيْ حَاجَةً وَقَضَاءُ الْوَطَرِ فِي اللُّغَةِ بُلُوغُ مُنْتَهَى مَا فِي النَّفْسِ مِنَ الشَّيْءِ يُقَالُ وَطَرًا مِنْهُ إِذَا بَلَغَ مَا أَرَادَ مِنْ حَاجَتِهِ فِيهِ وَالْمُرَادُ هُنَا أَنَّهُ قَضَى وَطَرَهُ مِنْهَا بِنِكَاحِهَا وَالدُّخُولِ بِهَا بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهَا حَاجَةٌ وَتَقَاصَرَتْ عَنْهُ هِمَّتُهُ وَطَابَتْ عَنْهُ نَفْسُهُ
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الرَّجُلَ إِنَّمَا يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ إِذَا لَمْ يَبْقَ له فيها حاجة زوجناكها أي لم نحرجك إِلَى وَلِيٍّ مِنَ الْخَلْقِ يَعْقِدُ لَكَ عَلَيْهَا تَشْرِيفًا لَكَ وَلَهَا
فَلَمَّا أَعْلَمَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ دَخَلَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ وَلَا عَقْدٍ وَلَا تَقْدِيرِ صَدَاقٍ وَلَا شَيْءٍ مِمَّا هُوَ مُعْتَبَرٌ فِي النِّكَاحِ فِي حَقِّ أُمَّتِهِ وَهَذَا مِنْ خصوصياته الَّتِي لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ تَزَوُّجُهُ بِزَيْنَبَ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَقِيلَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَهِيَ أَوَّلُ مَنْ مَاتَ مِنْ زَوْجَاتِهِ الشَّرِيفَاتِ الْمُطَهَّرَاتِ مَاتَتْ بَعْدَهُ بِعَشْرِ سِنِينَ عَنْ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْأَمْرُ لَهُ بِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَبِهِ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ كَذَا فِي فَتْحِ البيان لكيلا يكون على المؤمنين حرج أَيْ ضِيقُ عِلَّةٍ لِلتَّزْوِيجِ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ وَحُكْمَ الْأُمَّةِ وَاحِدٌ إِلَّا مَا خصه الدليل في أزواج أدعيائهم جَمْعُ دَعِيٍّ وَهُوَ الْمُتَبَنَّى أَيْ فِي التَّزْوِيجِ بِأَزْوَاجِ مَنْ يَجْعَلُونَهُ ابْنًا كَمَا كَانَ الْعَرَبُ يَفْعَلُونَ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَتَبَنَّوْنَ مَنْ يُرِيدُونَ وَكَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ نِسَاءُ مَنْ تَبَنَّوْهُ كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ نِسَاءُ أَبْنَائِهِمْ حَقِيقَةً فَأَخْبَرَهُمُ اللَّهُ أَنَّ نِسَاءَ الْأَدْعِيَاءِ حَلَالٌ لَهُمْ إِذَا قضوا منهن وطرا أي إذا طلق الأدعياء أزواجهم

الصفحة 50