كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 9)

بخلاف بن الصُّلْبِ فَإِنَّ امْرَأَتَهُ تَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ بِنَفْسِ العقد عليها وكان أمر الله مفعولا أَيْ قَضَاءُ اللَّهِ مَاضِيًا وَحُكْمُهُ نَافِذًا وَقَدْ قَضَى فِي زَيْنَبَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ (لَمَّا تَزَوَّجَهَا) أَيْ زَيْنَبَ (قَالُوا تَزَوَّجَ حَلِيلَةَ ابْنِهِ) أَيْ زَوْجَةَ ابْنِهِ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أبا أحد من رجالكم أي فليس أَبَا زَيْدٍ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّزْوِيجُ بِزَوْجَتِهِ زينب ولكن رسول الله أي ولكن كان رسول الله وخاتم النبيين قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِكَسْرِ التَّاءِ وَقُرِئَ بِفَتْحِهَا وَمَعْنَى الْأُولَى أَنَّهُ خَتَمَهُمْ أَيْ جَاءَ آخِرَهُمْ وَمَعْنَى الثَّانِيَةِ أَنَّهُ صَارَ كَالْخَاتَمِ لَهُمُ الَّذِي يَخْتِمُونَ بِهِ وَيَتَزَيَّنُونَ بِكَوْنِهِ مِنْهُمْ
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْوَجْهُ الْكَسْرُ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ أَنَّهُ خَتَمَهُمْ فَهُوَ خَاتِمُهُمْ وَأَنَّهُ قَالَ أَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ وَخَاتِمُ الشَّيْءِ آخِرُهُ
وَقَالَ الْحَسَنُ الْخَاتِمُ هُوَ الَّذِي خُتِمَ بِهِ وَالْمَعْنَى خَتَمَ اللَّهُ بِهِ النُّبُوَّةَ فلا نبوة بعده ولا معه قال بن عَبَّاسٍ يُرِيدُ لَوْ لَمْ أَخْتِمْ بِهِ النَّبِيِّينَ لَجَعَلْتُ لَهُ ابْنًا يَكُونُ بَعْدَهُ نَبِيًّا وَعَنْهُ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا حَكَمَ أَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ لَمْ يُعْطِهِ وَلَدًا ذَكَرًا يَصِيرُ رَجُلًا وَعِيسَى مِمَّنْ نُبِّئَ قَبْلَهُ وَحِينَ يَنْزِلُ يَنْزِلُ عاملا على شريعة محمد كأنه بعض أمته أدعوهم لآبائهم لِلصُّلْبِ وَانْسُبُوهُمْ إِلَيْهِمْ وَلَا تَدْعُوهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ هو أقسط عند الله تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ بِدُعَاءِ الْأَبْنَاءِ لِلْآبَاءِ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى مَصْدَرِ ادْعُوهُمْ وَمَعْنَى أَقْسَطُ أَعْدَلُ أَيْ أَعْدَلُ مِنْ كُلِّ كَلَامٍ يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَتَرَكَ الْإِضَافَةَ لِلْعُمُومِ كَقَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ أَعْدَلُ من قولكم هو بن فُلَانٍ وَلَمْ يَكُنِ ابْنَهُ لِصُلْبِهِ فَإِنْ لَمْ تعلموا آباءهم تنسبونهم إليهم فإخوانكم أي فهم إخوانكم في الدين ومواليكم فقولوا أخي ومولاي ولا تقولوا بن فُلَانٍ حَيْثُ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ عَلَى الْحَقِيقَةِ
قَالَ الزَّجَّاجُ مَوَالِيكُمْ أَيْ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الدِّينِ وَقِيلَ الْمَعْنَى فَإِنْ كَانُوا مُحَرَّرِينَ وَلَمْ يَكُونُوا أَحْرَارًا فَقُولُوا مَوَالِي فُلَانٍ
قَوْلُهُ (هَذَا الْحَرْفُ لَمْ يُرْوَ بِطُولِهِ) أَيْ رُوِيَ مُقْتَصَرًا عَلَى هَذَا الْقَدْرِ فَحَسْبُ وَلَمْ يُرْوَ بِطُولِهِ مِثْلَ الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ
وَنَقَلَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ حَاصِلَ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ هَذَا بِلَفْظِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ رُوِيَ عَنْ دَاوُدَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ إِلَى قَوْلِهِ لَكَتَمَ هَذِهِ الْآيَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ ثُمَّ قَالَ الْحَافِظُ وَهَذَا الْقَدْرُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَأَظُنُّ الزَّائِدَ مُدْرَجًا فِي الْخَبَرِ فَإِنَّ الرَّاوِيَ لَهُ

الصفحة 51