كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 9)

فَيَقُومُوا بِقِيَامِهِ فَلَمَّا أَلْهَاهُمُ الْحَدِيثُ عَنْ ذَلِكَ قَامَ وَخَرَجَ فَخَرَجُوا بِخُرُوجِهِ إِلَّا الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ لَمْ يَفْطِنُوا لِذَلِكَ لِشِدَّةِ شُغْلِ بَالِهِمْ بِمَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْحَدِيثِ
وَفِي غُضُونِ ذَلِكَ كان النبي يُرِيدُ أَنْ يَقُومُوا مِنْ غَيْرِ مُوَاجَهَتِهِمْ بِالْأَمْرِ بِالْخُرُوجِ لِشِدَّةِ حَيَائِهِ فَيُطِيلُ الْغِيبَةَ عَنْهُمْ بِالتَّشَاغُلِ بِالسَّلَامِ عَلَى نِسَائِهِ وَهُمْ فِي شُغْلِ بَالِهِمْ وَكَانَ أَحَدُهُمْ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ أَفَاقَ مِنْ غَفْلَةٍ فَخَرَجَ وَبَقِيَ الِاثْنَانِ فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ ووصل النبي إِلَى مَنْزِلِهِ فَرَآهُمَا فَرَجَعَ فَرَأَيَاهُ لَمَّا رَجَعَ فحينئذ فطنا فخرجا فدخل النبي وَأُنْزِلَتِ الْآيَةُ فَأَرْخَى السِّتْرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنَسٍ خَادِمِهِ أَيْضًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَهْدٌ بِذَلِكَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النبي إلا أن يؤذن لكم أي في الدخول بالدعاء إلى طعام أي فتدخلوا غير ناظرين أي منتظرين إناه أَيْ نُضْجَهُ مَصْدَرُ أَنَى يَأْنِي وَبَعْدَهُ وَلَكِنْ إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم أي أكلتم الطعام فانتشروا أَيْ فَاخْرُجُوا مِنْ مَنْزِلِهِ وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ
أَيْ لَا تُطِيلُوا الْجُلُوسَ لِيَسْتَأْنِسَ بَعْضُكُمْ بِحَدِيثِ بعض (إن ذلكم) أَيِ الْمُكْثَ وَإِطَالَةَ الْجُلُوسِ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فيستحي منكم أي من إخراجكم والله لا يستحي من الحق أَيْ لَا يَتْرُكُ بَيَانَهُ
قَوْلُهُ (وَفِي الْحَدِيثِ قِصَّةٌ) أَيْ طُولٌ وَكَلَامٌ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ (وَرَوَى ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ هَذَا الْحَدِيثَ بِطُولِهِ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي بَابِ زَوَاجِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَنُزُولِ الْحِجَابِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ
[3217] قَوْلُهُ (حدثنا أَشْهَلُ بْنُ حَاتِمٍ) الْجُمَحِيُّ مَوْلَاهُمْ أَبُو عَمْرٍو وقيل أبو حاتم بصرى صدوق يخطىء من التاسعة (قال بن عَوْنٍ حُدِّثْنَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ) الضَّمِيرُ في قال راجع إلى أشهد وبن عون مبتدأ وحدثناه خبره أي قال أشهد بْنُ عَوْنٍ حُدِّثْنَا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَمْرِو بن سعيد وبن عَوْنٍ هَذَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ هُوَ أَبُو سَعِيدٍ الْبَصْرِيُّ
قَوْلُهُ (عَرَّسَ بِهَا) مِنَ التَّعْرِيسِ أَيْ بَنَى بِهَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَعْرَسَ الرَّجُلُ فَهُوَ مُعْرِسٌ إِذَا دَخَلَ بِامْرَأَتِهِ عِنْدَ بِنَائِهَا وَلَا يُقَالُ فِيهِ عَرَّسَ
قُلْتُ قَوْلُهُ وَلَا يُقَالُ فِيهِ عَرَّسَ تَرُدُّهُ رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ هَذِهِ وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ قِيلَ هُوَ أَيْ عَرَّسَ لُغَةً فِي أَعْرَسَ (فَاحْتَبَسَ) الْحَبْسُ الْمَنْعُ وَاحْتَبَسَهُ حَبَسَهُ فَاحْتَبَسَ لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ كَذَا فِي الْقَامُوسِ (فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ) وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى

الصفحة 58